وقد تحصل من ذلك: أن العلم الإجمالي بوجوب نفسي مردد بين تعلقه بالوضوء أو الصلاة وإن لم ينحل حقيقة، إلا أنه ينحل حكما من ناحية عدم جريان الأصل في أحد طرفيه. هذا من جانب.
ومن جانب آخر: أن ملاك عدم جريانه فيه هو كونه معلوم الوجوب على كل تقدير، وبهذه النقطة يمتاز ما نحن فيه عن مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين، حيث إن هناك عدم جريان الأصل في أحد طرفي العلم الإجمالي من ناحية عدم الأثر، لا من ناحية كون التكليف به معلوما.
ونتيجة ذلك: هي التفكيك في حكم واحد في مرحلة التنجيز كوجوب الصلاة في المقام، حيث إنه منجز من ناحية وجوب الوضوء، لما عرفت (1) من استحقاق العقاب على تركها المستند إلى ترك الوضوء، وغير منجز من ناحية أخرى، لما مر من وجود المؤمن من غير تلك الناحية.
الثالث: ما إذا علم المكلف بوجوب كل من الفعلين في الخارج وشك في أن وجود أحدهما مقيد بوجود الآخر، مع علمه بتماثل وجوبيهما من حيث الإطلاق والاشتراط من بقية الجهات - أي: أنهما متساويان إطلاقا وتقييدا، كوجوب الوضوء والصلاة مثلا - ففي مثل ذلك قد أفاد شيخنا الأستاذ (قدس سره): أن الشك حيث إنه متمحض في تقييد ما علم كونه واجبا نفسيا كالصلاة بالواجب الآخر - وهو الوضوء في مفروض المثال - فلا مانع من الرجوع إلى البراءة عن ذلك التقييد، وذلك لفرض أن وجوب الصلاة معلوم، وكذا وجوب الوضوء، والشك إنما هو في خصوص تقييد الصلاة بالوضوء، ومن الطبيعي أن مقتضى أصالة البراءة عدمه (2).
وغير خفي أن ما أفاده (قدس سره) غير تام، وذلك لأن أصالة البراءة عن التقييد المذكور معارضة بأصالة البراءة عن وجوب الوضوء بوجوب نفسي، وذلك لأن القدر المعلوم لنا تفصيلا إنما هو أصل تعلق الوجوب بالوضوء بوجوب جامع بين