النفسي والغيري، وأما خصوصية كونه نفسيا أو غيريا فهي مشكوكة، وبما أن العلم الإجمالي بإحدى الخصوصيتين موجود فهو مانع عن جريان أصالة البراءة عن كلتيهما، فإذا لا محالة يكون المرجع هو قاعدة الاحتياط.
وإن شئت قلت: إن وجوب الوضوء غيريا - أي: كونه قيدا للصلاة - وإن كان مشكوكا فيه في نفسه ولا مانع من جريان الأصل فيه في ذاته إلا أن وجوبه نفسيا أيضا كذلك، وعليه فلا مانع من جريان الأصل فيه أيضا في ذاته، وبما أنه لا يمكن جريان كلا الأصلين معا لاستلزامه المخالفة القطعية العملية فبطبيعة الحال المرجع هو قاعدة الاحتياط، وهو الإتيان بالوضوء أولا ثم الإتيان بالصلاة، ومرد هذا - بحسب النتيجة - إلى أن وجوب الوضوء غيري لا نفسي.
الرابع: ما إذا علم المكلف بوجوب كل من الفعلين وشك في تقييد أحدهما بالآخر، مع عدم العلم بالتماثل بينهما من حيث الإطلاق والاشتراط - وذلك كما إذا علم باشتراط الصلاة بالوقت وشك في اشتراط الوضوء به من ناحية الشك في أن وجوبه نفسي أو غيري فعلى الأول لا يكون مشروطا به، وعلى الثاني فمشروط، لتبعية الوجوب الغيري للنفسي في الإطلاق والاشتراط - ففي هذه الصورة الشك يكون من عدة جهات، وقد أفاد شيخنا الأستاذ (قدس سره) بجريان البراءة من جميع تلك الجهات:
الأولى: الشك في تقييد الصلاة بالوضوء وهو مجرى للبراءة، فالنتيجة: هي صحة الصلاة بدون الوضوء.
الثانية: الشك في وجوب الوضوء قبل الوقت الذي هو شرط لوجوب الصلاة، وهو أيضا مرجع للبراءة، فالنتيجة من هذه الجهة: نتيجة الغيرية من ناحية عدم ثبوت وجوب الوضوء قبل الوقت في مفروض المثال.
الثالثة: الشك في وجوب الوضوء بعد الوقت بالإضافة إلى من أتى به قبله، ومرجع هذا الشك إلى أن وجوب الوضوء بعد الوقت مطلق أو مشروط بما إذا لم