يؤت به قبله؟ وبما أن وجوبه مشكوك فيه بالإضافة إلى من أتى به قبله فلا مانع من الرجوع إلى البراءة عنه (1).
فالنتيجة: هي أن المكلف مخير بين الإتيان بالوضوء قبل الوقت وبعده، قبل الصلاة وبعدها.
ولنأخذ بالنظر في هذه الجهات، بيان ذلك: أن وجوب الوضوء في مفروض المثال المردد بين النفسي والغيري إذا كان نفسيا فلا يخلو من أن يكون مقيدا بإيقاعه قبل الوقت، أو يكون مطلقا. وأما وجوبه الغيري فهو مقيد بما بعد الوقت على كل تقدير.
وعلى الأول فلا يمكن جريان البراءة عن تقييد الصلاة بالوضوء، لمعارضته بجريانها عن وجوبه النفسي قبل الوقت، وذلك للعلم الإجمالي بأنه إما واجب نفسي أو واجب غيري، وجريان البراءة عن كليهما مستلزم للمخالفة القطعية العملية.
وقد ذكرنا في محله: أنه لا فرق في تنجيز العلم الإجمالي وسقوط الأصول عن أطرافه بين أن تكون أطرافه من الدفعيات أو التدريجيات (2)، وعلى ذلك فلابد من الاحتياط والإتيان بالوضوء قبل الوقت، فإن بقي إلى ما بعده أجزأ عن الوضوء بعده ولا يجب عليه الإتيان به ثانيا، وإلا وجب عليه ذلك بمقتضى حكم العقل بالاحتياط.
فالنتيجة: هي نتيجة الحكم بالوجوب النفسي والغيري معا من باب الاحتياط.
وعلى الثاني: فلا معنى لإجراء البراءة عن وجوب الوضوء قبل الوقت، وذلك لعدم احتمال تقيده به. وقد ذكرنا غير مرة: أن مفاد أصالة البراءة رفع الضيق عن المكلف، لا رفع السعة والإطلاق (3)، وأما بعد الوقت فيحكم العقل بوجوب الوضوء، وذلك للعلم الإجمالي بوجوبه إما نفسيا أو غيريا، ولا يمكن إجراء البراءة عنهما