ما هو المقدمة، والمفروض في المقام أن ما هو المقدمة عبارة عن الطهارات الثلاث المأمور بها بالأمر النفسي، فيكون قصد امتثال هذا الأمر النفسي حاصلا ضمنا عند قصد امتثال الأمر الغيري وإن لم يلتفت المكلف إلى هذا الأمر تفصيلا فضلا عن قصده (1).
وفيه: أن ما أفاده (قدس سره) من الجواب غير تام، والسبب في ذلك: هو أن قصد الأمر النفسي لو كان مقوما للمقدمية لم يعقل تحققها مع الغفلة عنه رأسا، مع أنه لا شبهة في تحقق الطهارات الثلاث مع القطع بعدم الأمر النفسي لها، على أن لازم ذلك هو الحكم بصحة صلاة الظهر إذا أتى المكلف بها بقصد أمرها الغيري، ومقدمة لصلاة العصر مع الغفلة عن وجوبها في نفسه، وهو ضروري الفساد.
فالنتيجة: أنه لا يمكن التفصي عن هذا الإشكال بناء على حصر عبادية الطهارات الثلاث بأوامرها النفسية، بل إن لازم ذلك هو بطلان صلاة من يعتقد بعدم استحباب الوضوء في نفسه، فإنه إذا كان معتقدا بعدم استحبابه امتنع قصد امتثاله ولو ضمنا وارتكازا، وبدونه يقع الوضوء باطلا فتبطل الصلاة، وهذا مما لا يمكن الالتزام به.
ثم إن شيخنا الأستاذ (قدس سره) أجاب (2) عن أصل الإشكال. وحاصل ما أفاده (قدس سره):
هو أنه لا وجه لحصر منشأ عبادية الطهارات الثلاث في الأمر الغيري والأمر النفسي الاستحبابي ليرد الإشكال على كل منهما، بل هناك منشأ ثالث وهو الموجب لعباديتها.
بيان ذلك: أن الأمر النفسي المتعلق بالصلاة - مثلا - كما ينحل إلى أجزائها فيتعلق بكل جزء منها أمر نفسي ضمني - وهو الموجب لعباديته - فلا يسقط إلا بقصد التقرب به فكذلك ينحل إلى شرائطها وقيودها، فيتعلق بكل شرط منها أمر نفسي ضمني، وهو الموجب لعباديته.
فالنتيجة: أن الموجب للعبادية في الأجزاء والشرائط واحد.