على الواجب، فإذا لا يفوت منه شئ، لا الواجب الفعلي ولا الملاك الملزم حتى يستحق العقاب.
وعلى الجملة: فالصبي لا يكون مشمولا لقاعدة " أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار "، وذلك لأن اختيار الصبي كلا اختيار بمقتضى رفع القلم عنه، وعليه فلا يكون للواجب في ظرفه ملاك ملزم بالإضافة إليه.
نعم، يؤدب الصبي على ارتكاب بعض المعاصي، ويمرن على الصلاة والصيام لسبع أو تسع، وهو أمر آخر فلا صلة له بما نحن فيه.
ومن ضوء هذا البيان يظهر: أن ما ذكره شيخنا الأستاذ من لزوم التعلم على الصبي بدعوى: أن التمسك بحديث " رفع القلم " لرفع وجوب التعلم غير ممكن، وذلك لأن وجوبه عقلي، وحديث " الرفع " لا يرفع الوجوب العقلي (1) خاطئ جدا.
والوجه في ذلك: هو أن حكم العقل في المقام وإن كان يعم الصبي وغيره إلا أنه معلق على عدم ورود التعبد من الشارع على خلافه، ومعه لا محالة يرتفع بارتفاع موضوعه، والمفروض أن التعبد الشرعي قد ورد على خلافه في خصوص الصبي - وهو حديث رفع القلم - فإن مفاده: أن فعل الصبي كلا فعل فلا يترتب عليه أي أثر من استحقاق عقاب أو نحوه، وعلى هذا فلا يعقل استحقاق الصبي العقاب على تفويت الملاك بعد البلوغ استنادا إلى تركه التعلم قبله.
وإن شئت قلت: إن مقتضى حديث " رفع القلم " أو ما شاكله: هو أن ملاك الواجب في ظرفه غير تام في حقه من ناحية التعلم والمعرفة لكي يكون تركه موجبا لتفويته واستحقاق العقاب عليه، كما هو الحال أيضا بالإضافة إلى سائر مقدمات الواجب.
الثانية: أن وجوب التعلم لا يخلو من أن يكون نفسيا، أو غيريا، أو إرشاديا، أو طريقيا، فلا خامس في البين.