وأما إذا كان مشروطا بها كذلك لم يجب التعلم قبل دخول الوقت، لأنه لا وجوب حتى يجب التعلم مقدمة لإتيان الواجب في ظرفه، ولا له ملاك ملزم كذلك كي يستلزم ترك التعلم تفويته، لفرض أن ملاكه إنما يتم بالقدرة عليه في وقته من قبل التعلم، ولا أثر لها فيه قبل دخوله أصلا. وعليه فلا وجوب، لا قبل دخول الوقت أو حصول الشرط، ولا بعده.
أما الأول فواضح. وأما الثاني فلعدم تمكنه منه: إما من ناحية الغفلة، أو من ناحية عدم القدرة على التعلم لضيق الوقت أو نحوه.
وعلى هذا الضوء فلا يمكن الالتزام بوجوب التعلم في هذه الصورة إلا بناء على الالتزام بمقالة المحقق الأردبيلي (قدس سره)، وهو الوجوب النفسي للتهيؤ إلى الغير (1).
ثم إن هذا الوجوب بطبيعة الحال يختص بمن كان التكليف متوجها إليه لولا عجزه من ناحية عدم التعلم، وأما بالإضافة إلى غيره فلا معنى للوجوب النفسي، وذلك كالرجال بالإضافة إلى تعلم أحكام النساء فإنه لا يجب عليهم ذلك نفسا، لعدم ملاكه وهو التهيؤ لامتثال التكليف الواقعي.
نعم، يجب كفاية تحصيل هذه الأحكام اجتهادا. ومن المعلوم أن هذا خارج عن محل الكلام، هذا بحسب الكبرى.
وغير خفي أن هذه الكبرى وإن كانت ثابتة إلا أن المقام ليس من صغرياتها، وذلك لأن مقتضى إطلاق الآيات والروايات الدالة على وجوب التعلم والسؤال هو عدم أخذ القدرة الخاصة من قبله في الواجب، وأنه ليس للتعلم أي دخل في صيرورة الواجب ذا ملاك ملزم، فإن إطلاق قوله (عليه السلام): " يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقال له: هلا عملت؟ فيقول: ما علمت، فيقال له: هلا تعلمت؟ " (2) يدل على ثبوت الملاك للواجب في ظرفه، حتى بالإضافة إلى العاجز عنه من ناحية تركه التعلم.
فالنتيجة على ضوء ذلك: هي وجوب تعلم الأحكام على المكلف مطلقا، من