دون فرق بين الأحكام المطلقة والمشروطة بالوقت أو بغيره، فلو تركه قبل الوقت أو قبل حصول الشرط وأدى تركه إلى ترك الواجب في ظرفه استحق العقاب عليه بقاعدة " أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار "، فالقدرة من قبله قدرة مطلقة.
وأما القدرة من قبل سائر المقدمات فهي في العموم والخصوص تابعة لأدلتها كما تقدم (1). هذا فيما إذا علم المكلف أو اطمأن بالابتلاء بها، كأحكام الصلاة والصيام والحج ونحوها.
وأما فيما إذا احتمل ذلك فهل يجب التعلم؟ المعروف والمشهور بين الأصحاب هو وجوبه بعين الملاك المتقدم. ولكن قد يقال بعدم وجوبه بدعوى التمسك باستصحاب عدم الابتلاء بالإضافة إلى الزمن المستقبل، حيث إن عدم الابتلاء فعلا متيقن ويشك فيه فيما بعد، فيستصحب عدمه على عكس الاستصحاب المتعارف.
وأورد على هذا بإيرادين:
الأول: أن دليل الاستصحاب قاصر عن شمول هذا النحو من الاستصحاب المسمى ب " الاستصحاب الاستقبالي "، فيختص بما إذا كان المتيقن سابقا والمشكوك لاحقا.
الثاني: أن الاستصحاب إنما يجري فيما إذا كان المستصحب بنفسه أثرا شرعيا أو ذا أثر شرعي. وأما إذا لم يكن هذا ولا ذاك لم يجر الاستصحاب والمقام كذلك، فإن الأثر - وهو استقلال العقل بوجوب التعلم - إنما هو مترتب على مجرد احتمال الابتلاء من جهة دفع الضرر المحتمل، لا على واقعه حتى يدفعه باستصحاب عدمه.
وإن شئت قلت: إن الأثر في كل مورد إذا كان مترتبا على نفس الشك والاحتمال دون الواقع فمتى شك فيه فالموضوع محرز بالوجدان، ومعه لا معنى لورود التعبد بالواقع أصلا، لأنه لغو صرف، وما نحن فيه كذلك فإن الأثر فيه - كما