طريقيا، ويترتب عليه تنجيز الواقع عند الإصابة، لأنه أثر الوجوب الطريقي، كما هو شأن وجوب الاحتياط، ووجوب العمل بالأمارات وما شاكل ذلك، وعليه فتكون هذه الأدلة مانعة عن جريان البراءة فيها قبل الفحص، وتوجب تقييد إطلاق أدلتها بما بعده.
الثالثة: أن شيخنا الأستاذ (قدس سره) نقل عن بعض الرسائل العملية لشيخنا العلامة الأنصاري (قدس سره): أنه حكم فيه بفسق تارك تعلم مسائل الشك والسهو فيما يبتلى به عامة المكلفين، وقد تعجب (قدس سره) من ذلك، ونسب الاشتباه إلى من جمع فتاواه في الرسالة، وعلله بأحد أمور:
الأول: أن هذا مبني على كون وجوب التعلم وجوبا نفسيا كما اختاره المحقق الأردبيلي (قدس سره)، وعليه فلا محالة يكون تاركه فاسقا.
وفيه: أنه خلاف مبناه (قدس سره)، حيث إنه لم يلتزم بالوجوب النفسي.
الثاني: أنه مبني على حرمة التجري، وعليه فبطبيعة الحال يكون فاعله فاسقا ويستحق العقاب.
وفيه: أنه أيضا خلاف ما بنى (قدس سره) عليه من عدم حرمة التجري، وأن قبحه فاعلي لا فعلي، ومعه لا موجب لكون فاعله فاسقا ومستحقا للعقاب.
الثالث: أن يكون مستند ذلك الفرق بين مسائل الشك والسهو وبين غيرها من المسائل بدعوى: أن العادة قد جرت على ابتلاء المكلفين بها لا محالة دون غيرها، فلأجل ذلك يجب تعلمها ومعرفتها على كل أحد. ومن الطبيعي أن مخالفة الواجب توجب الفسق.
وفيه: أنه أبعد هذه الفروض، لما عرفت من أن وجوب التعلم وجوب طريقي فلا توجب مخالفته العقاب ما لم تؤد إلى مخالفة الواقع (1).