أن إيجاد الموضوع وإحداث الملاك في الفعل غير واجب على المكلف، بل يجوز له تفويته بجعل نفسه محدثا باختياره أو بإهراق الماء عنده. ونظير ذلك السفر بالإضافة إلى وجوب القصر في الصلاة، وقصد الإقامة بالإضافة إلى وجوب التمام والصيام، حيث إنه لا ملاك لوجوب القصر قبل السفر، ولوجوب التمام قبل قصد الإقامة، ومن الواضح أن في مثل ذلك لا يجب عليه إيجاد السفر، ولا قصد الإقامة، إذ بتركهما لا يفوته شئ، لا تكليف ولا ملاك.
أما الأول فواضح. وأما الثاني فلأنه لا ملاك لوجوب القصر قبل تحقق السفر، ولا لوجوب التمام والصيام قبل قصد الإقامة.
وشيخنا الأستاذ (قدس سره) ذهب إلى الفرق بين تفويت القدرة قبل الوقت بجعل نفسه محدثا باختياره بجماع أو نحوه مع علمه بعدم تمكنه من الماء بعد الوقت، وتفويتها بإهراق الماء، فاختار الجواز في الأول، وعدمه في الثاني، واستند في هذه التفرقة إلى وجود رواية صحيحة (1).
ولكن قد ذكرنا في التعليقة: أن هذا غفلة منه (قدس سره)، حيث لم ترد في هذا الموضوع أية رواية فضلا عن الرواية الصحيحة (2).
وقد تحصل من ذلك: أنه لا يجب حفظ القدرة قبل الوقت، ولا تحصيلها.
وأما بعد الوقت فهو واجب.
نعم، وردت رواية معتبرة (3) في جواز الجنابة مع الأهل - فحسب - بعد دخول الوقت مع عدم وجود الماء الكافي عنده للاغتسال. ولكن لابد من الاقتصار على مورد هذه الرواية، وهو الجماع مع الأهل، ولا يمكن التعدي عنه إلى غيره، فلا يجوز إجناب نفسه بسبب آخر من احتلام أو نحوه.