إلى هنا قد انتهينا إلى هذه النتيجة، وهي: أن التفصي عن الإشكال المزبور لا يتوقف على الالتزام بالواجب التعليقي، بل يمكن التفصي عنه على ضوء الالتزام بالقسم الأول من الواجب، والثاني والثالث.
هذا كله فيما إذا علم بدخل القدرة في ملاك الواجب في وقته، أو عدم دخلها فيه كذلك.
وأما إذا شك ولم يحرز ذلك فهل يجب الإتيان بمقدماته قبل وقته فيما إذا علم بعدم تمكنه منها فيه؟ فالظاهر عدم وجوبه، وذلك لما حققناه في بحث الترتب على ما يأتي إن شاء الله تعالى: من أنه لا طريق لنا إلى إحراز ملاكات الأحكام الواقعية من الخارج، غاية الأمر أننا نستكشف تلك الملاكات من الأمر والنهي المولويين، وعليه فبطبيعة الحال تكون سعة الملاك في مرحلة الإثبات بقدر سعة الأمر دون الزائد، فلو لم يكن أمر في مورد أصلا، أو كان ولكنه سقط من ناحية عجز المكلف عن الامتثال لم يكن لنا طريق إلى وجود الملاك فيه، لاحتمال أن يكون سقوط الأمر لأجل انتفاء المقتضي له في هذا الحال، لا لوجود المانع مع ثبوته (1). وقلنا هناك: إن ما ذكره شيخنا الأستاذ (قدس سره): من أنه يمكن إحراز الملاك من التمسك بإطلاق المتعلق عند سقوط الأمر خاطئ جدا، ضرورة أن مجرد إطلاق المتعلق لا يكون دليلا على وجود الملاك فيه كذلك على تفصيل يأتي في محله إن شاء الله تعالى (2).
وبما أن فيما نحن فيه لم نحرز أن ترك المقدمة قبل الوقت مستلزم لتفويت ملاك الواجب في ظرفه، لاحتمال أن القدرة من قبلها دخيلة في ملاكه في وقته، وعليه فلو لم يأت بها قبل الوقت - والمفروض عدم تمكنه بعده - لم يحرز فوت شئ منه، لا الأمر الفعلي ولا الملاك الملزم.
أما الأول فواضح. وأما الثاني فلاحتمال دخل القدرة الخاصة فيه: هذا من ناحية.