إن وجوب المقدمة معلول لإيجاب ذيها فلا يعقل وجود المعلول قبل وجود علته.
وعلى ضوء الالتزام بحالية الوجوب في أمثال هذا المورد يندفع الإشكال رأسا، وذلك لأن فعلية وجوب المقدمة تتبع فعلية وجوب الواجب وإن لم يكن نفس الواجب فعليا.
ومنها: دفع الإشكال عن وجوب الغسل على المكلف، كالجنب أو الحائض ليلا لصوم غد، فإنه لولا الالتزام بحالية الوجوب في مثله كيف يمكن الالتزام بوجوب الغسل في الليل، مع أن الصوم لا يجب إلا من حين طلوع الفجر؟
ومنها: دفع الإشكال عن وجوب التعلم قبل دخول وقت الواجب، كتعلم أحكام الصلاة ونحوها قبل وقتها، فلولا وجوب تلك الصلوات قبل دخول أوقاتها لم يكن تعلم أحكامها واجبا.
ومنها: دفع الإشكال عن وجوب إبقاء الاستطاعة بعد أشهر الحج.
ويمكن أن نأخذ بالمناقشة فيه، وهي: أن دفع الإشكال المزبور عن تلك الموارد وما شاكلها لا يتوقف على الالتزام بالواجب التعليقي، إذ كما يمكن دفع الإشكال به يمكن دفعه بالالتزام بوجوبها نفسيا، لكن لا لأجل مصلحة في نفسها، بل لأجل مصلحة كامنة في غيرها، فيكون وجوبها للغير لا بالغير، إذا تكون هذه المقدمات واجبة مع عدم وجوب ذيها فعلا.
ومع الإغماض عن ذلك يمكن دفعه بالالتزام بحكم العقل بلزوم الإتيان بها بملاك إدراك العقل قبح تفويت الملاك الملزم في ظرفه، حيث إنه لا يفرق في القبح بين تفويت الملاك الملزم في موطنه ومخالفة التكليف الفعلي، فكما يحكم بقبح الثاني يحكم بقبح الأول، وبما أنه يدرك أن الحج في ظرفه ذو ملاك ملزم - وأنه لو لم يأت بمقدماته من الآن لفات منه ذلك الملاك - يستقل بلزوم إتيانها قبل أوانه ولو بشهر أو أكثر أو أقل.
نعم، ظواهر الأدلة في مسألتي الحج والصوم تساعد ما التزم به في الفصول من كون الوجوب حاليا والواجب استقباليا، فإن قوله تعالى: * (ولله على الناس