وبذلك يظهر حال المسألة الثانية حرفا بحرف.
والدليل على هذا مضافا إلى إمكان استفادة ذلك من روايات الباب (1): السيرة القطعية الجارية بين المسلمين من لدن زمن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) إلى زماننا هذا، حيث إن كل طائفة منهم يرتبون آثار النكاح الصحيح على نكاح طائفة أخرى منهم، وكذا الحال بالإضافة إلى الطلاق. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أنهم يعاملون مع الملل الأخرى أيضا كذلك، يعني: أنهم يرتبون آثار العقد الصحيح على نكاحهم، وآثار الطلاق الصحيح على طلاقهم، فلو عقد كافر على امرأة عاملوا معها معاملة المرأة المزوجة ورتبوا عليها تمام آثارها، ولو طلقها عاملوا معها معاملة المرأة المطلقة، ورتبوا عليها آثارها من جواز تزويجها بعد انقضاء عدتها، ونحو ذلك.
قد يتوهم أن بابي الطهارة والنجاسة أيضا من هذا القبيل، أي: من قبيل النكاح، بدعوى: أننا كثيرا ما نخالط أبناء العامة وغيرهم الذين لا يعتبرون في زوال عين النجاسة ما نعتبره من الشرائط، بل نخالط من لا يبالي بالنجاسة أصلا مع سكوت الأئمة (عليهم السلام) عن ذلك، ولم يرد منهم ما يدل على وجوب الاجتناب عن هؤلاء، بل ورد منهم الأمر بمعاملتهم معاملة المتطهر. وهذا دليل على خروج بابي الطهارة والنجاسة عن الحكم المتقدم، ونفوذ الحكم الظاهري الثابت لشخص في حق الآخرين.
ولكن هذا التوهم خاطئ جدا، والسبب في ذلك: هو أن جواز المخالطة مع هؤلاء الأشخاص المذكورين وعدم وجوب الاجتناب عنهم ليس من ناحية نفوذ الحكم الظاهري لأحد في حق الآخرين، ضرورة أن عدم وجوب الاجتناب عمن لا يبالي بالنجاسة - كالعصاة ونحوهم - ليس مبنيا على ذلك، لفرض عدم ثبوت حكم ظاهري في حق مثله، وعليه فلابد أن يكون ذلك مبنيا على أحد أمور:
الأول: أن يكون ذلك مبتنيا على عدم نجاسة ملاقي المتنجس في غير