لفقير جاهل، والمفروض أنه غير واجب، وحيث إنها توجب إحداث مصلحة فيه فلا محالة يصير الإعطاء واجبا واقعا، ولكن من الواضح أن الإتيان به لا يجزئ عن الواجب الواقعي، ولا يتدارك به مصلحته، بل هو باق على ما هو عليه من الملاك الملزم. وعلى هذا لو انكشف الخلاف وجب الإتيان به لا محالة، سواء كان في الوقت أو خارجه.
ولنأخذ بالمناقشة عليه بيان ذلك: أننا نتكلم في الأمارات القائمة على نفس الأحكام الشرعية مرة على القول بحجيتها من باب الطريقية والكاشفية المحضة، ومرة أخرى على القول بحجيتها من باب السببية والموضوعية، ونقول: إنه لا فرق بين الأمارات القائمة على متعلقات التكاليف والقائمة على نفسها على كلا القولين.
أما على القول الأول: فلما عرفت من أن مقتضى القاعدة هو عدم الإجزاء، من دون فرق بينهما في هذه النقطة أصلا (1).
وأما على القول الثاني: فأيضا لا فرق بينهما في الدلالة على الإجزاء. أما على السببية بالمعنى الأول فواضح، حيث لا حكم على ضوئها في الواقع غير ما أدت إليه الأمارة. وأما على السببية بالمعنى الثاني فالحكم في الواقع وإن كان مجعولا إلا أن الأمارة توجب انقلابه وانحصاره في المؤدى لنظرها إليه.
وبكلمة أخرى: أن الأحكام الفعلية الواقعية على ضوء هذه النظرية منحصرة في مؤديات الأمارات، فلا حكم واقعي فعلي في غيرها، وعليه فلا مقتضي لوجوب الإعادة أو القضاء عند انكشاف الخلاف.
وعلى الجملة: فإذا افترضنا أن الأمارة قامت على وجوب صلاة الجمعة - مثلا - أفادت أن الواجب الواقعي الفعلي هو صلاة الجمعة دون صلاة الظهر، لفرض أنها ناظرة إلى الواقع وتفيد انحصاره، وفي مثله كيف يمكن دعوى عدم الإجزاء؟ بداهة أنه لابد فيه من الالتزام باشتمال المؤدى على مصلحة ملزمة وافية بمصلحة الواقع ومسانخة لها، إذ لو كان مشتملا على مصلحة أخرى غير