الذي يرى خلافه يحتاج إلى دليل، ولا دليل عليه إلا في بعض الموارد الخاصة كما سنشير إليه (1).
وعلى هذا الضوء: فلو رأى شخص - مثلا - وجوب الوضوء مع الجبيرة في موارد كسر أحد أعضاء الوضوء أو جرحه وإن كان مكشوفا ولكن يرى الآخر وجوب التيمم فيها، أو إذا رأى مشروعية الوضوء أو الغسل في موارد الضرر أو الحرج أو العسر ولكن يرى الآخر عدم مشروعيته، أو إذا رأى كفاية غسل المتنجس بالبول مرة واحدة ويرى غيره اعتبار التعدد فيه... وهكذا ففي جميع هذه الموارد وما شاكلها لا يجوز للثاني الاقتداء بالأول، وليس له ترتيب آثار الوضوء الصحيح على وضوئه، وترتيب آثار الطهارة على ثوبه المتنجس بالبول المغسول بالماء مرة واحدة.
نعم، إذا كان العمل في الواقع صحيحا بمقتضى حديث " لا تعاد " صح الاقتداء به، كما إذا افترضنا أن شخصا يرى عدم وجوب السورة - مثلا - في الصلاة اجتهادا أو تقليدا فيصلي بدونها جاز لمن يرى وجوبها فيها الاقتداء به، لفرض أن صلاته في الواقع صحيحة بمقتضى هذا الحديث، ولذا لا تجب الإعادة عليه عند انكشاف الخلاف.
ولكن يستثنى من ذلك مسألتان: إحداهما: مسألة النكاح، والاخرى: مسألة الطلاق.
أما المسألة الأولى فقد وجب على كل أحد ترتيب آثار النكاح الصحيح على نكاح كل قوم وإن كان فاسدا في مذهبه، فلو رأى شخص صحة النكاح بالعقد الفارسي وعقد على امرأة كذلك ويرى الآخر بطلانه واعتبار العربية فيها لزمه ترتيب آثار الصحة على نكاحه وإن كان فاسدا في نظره، بأن يحكم بأنها زوجته، وبعدم جواز العقد عليها وغير ذلك من الآثار المترتبة على الزواج الصحيح. ومن هنا وجب ترتيب آثار النكاح الصحيح على نكاح كل ملة وإن كانوا كافرين.