التراخي، وحيث لا دليل عليه فأصالة البراءة تقتضي عدم اعتبارها، وبذلك يثبت الإطلاق في مقام الظاهر.
فالنتيجة: أن الصيغة أو ما شاكلها لا تدل على الفور، ولا على التراخي فضلا عن الدلالة على وحدة المطلوب أو تعدده، بل هي تدل على ثبوت الطبيعي الجامع على ذمة المكلف. ولازم ذلك هو حكم العقل بالتخيير بين أفراده العرضية والطولية. نعم، لو احتمل أن تأخيره موجب لفواته وجب عليه الإتيان به فورا بحكم العقل.
قد يقال كما قيل: إن الصيغة وإن لم تدل على الفور وضعا إلا أنها تدل عليه من جهة قرينة عامة خارجية، وهو قوله تعالى: * (سارعوا إلى مغفرة من ربكم) * (1)، وقوله تعالى: * (واستبقوا الخيرات) * (2) ببيان: أن الله - عز وجل - أمر عباده بالاستباق نحو الخير والمسارعة نحو المغفرة، ومن مصاديقهما فعل المأمور به، فإذا يجب على المكلف الاستباق والمسارعة نحوه في أول أزمنة الإمكان، وإلا ففي الزمن الثاني (3)... وهكذا، لفرض أنهما يقتضيان الفورية إلى الإتيان بما يصدق عليه الخير والغفران في كل وقت وزمن، وعليه فلو عصى المكلف وأخر عن أول أزمنة الإمكان وجب عليه ذلك في الزمن الثاني أو الثالث... وهكذا فورا ففورا، إذ من الواضح عدم سقوط وجوب المسارعة والاستباق بالعصيان في الزمن الأول، لفرض بقاء الموضوع والملاك، ونتيجة ذلك: هي لزوم الإتيان بكافة الواجبات الشرعية فورا ففورا على نحو تعدد المطلوب.
ولنأخذ بالنقد عليه من عدة وجوه:
الأول: أن الآيتين الكريمتين أجنبيتان عن محل الكلام رأسا، ولا صلة لهما بما نحن بصدده.