شئ آخر فيه وبين غرض الآمر، كرفع العطش - مثلا - حيث إن حصوله يتوقف على فعل نفسه وهو الشرب زائدا على الإتيان بالمأمور به، ومن الطبيعي أن المكلف لا يكون مأمورا بإيجاده وامتثاله، لخروجه عن قدرته واختياره، فالواجب على المكلف ليس إلا تمكين المولى من الشرب وتهيئة المقدمات له، فإنه تحت اختياره وقدرته، وهو يحصل بصرف الامتثال الأول.
وكيف كان، فإن حصل الغرض من الامتثال الأول وسقط الأمر لم يعقل الامتثال الثاني إلا تشريعا، وإن لم يحصل وجب ذلك ثانيا، وعلى كلا التقديرين فلا معنى لجوازه أصلا.
نعم، قد يتوهم جواز ذلك في موردين:
أحدهما: في صلاة الآيات، حيث قد ورد (1) فيها: أن من صلى صلاة الآيات فله أن يعيد صلاته مرة ثانية ما دامت الآية باقية، وهذا يدل على جواز الامتثال مرة ثانية بعد الامتثال الأول.
وثانيهما: في الصلاة اليومية، حيث قد ورد فيها: أن من صلى فرادى وأقيمت الجماعة فله أن يعيد صلاته مرة أخرى فيها (2)، وهذا أيضا يدل على جواز الامتثال بعد الامتثال.
ولكن هذا التوهم خاطئ في كلا الموردين ولا واقع له.
أما في المورد الأول فهو لا يدل على أزيد من استحباب الإعادة مرة ثانية بداعي الأمر الاستحبابي، بداهة أن الأمر الوجوبي قد سقط بالامتثال الأول فلا تعقل الإعادة بداعية.
وبكلمة أخرى: أن صلاة الآيات متعلقة لأمرين: أحدهما أمر وجوبي، والآخر أمر استحبابي، غاية الأمر أن الأول تعلق بصرف طبيعة الصلاة، والثاني