وأما إذا لم يكن الامتثال علة تامة لحصول الغرض كما أمر بالماء ليشرب أو يتوضأ فأتى به ولم يشرب أو لم يتوضأ فعلا فلا يبعد صحة تبديل الامتثال بإتيان فرد آخر أحسن منه، بل مطلقا كما كان له ذلك قبله على ما يأتي بيانه في الإجزاء) (1).
والصحيح: هو عدم جواز الامتثال بعد الامتثال، وذلك لأن مقتضى تعلق الأمر بالطبيعة بدون تقييدها بشئ كالتكرار أو نحوه حصول الامتثال بإيجادها في ضمن فرد ما في الخارج، لفرض انطباقها عليه قهرا، ولا نعني بالامتثال إلا انطباق الطبيعة المأمور بها على الفرد المأتي به في الخارج، ومعه لا محالة يحصل الغرض ويسقط الأمر فلا يبقى مجال للامتثال مرة ثانية، لفرض سقوط الأمر بالامتثال الأول وحصول الغرض به، فالإتيان بها بداعية ثانيا خلف.
ومن هنا سنذكر - إن شاء الله تعالى - في مبحث الإجزاء: أن الإتيان بالمأمور به بجميع أجزائه وشرائطه علة تامة لحصول الغرض وسقوط الأمر، فعدم الإجزاء غير معقول، بل لو لم يكن الامتثال الأول مسقطا للأمر وموجبا لحصول الغرض لم يكن الامتثال الثاني أيضا كذلك، لفرض أنه مثله فلا تفاوت بينهما، على أنه لا معنى لجواز الامتثال ثانيا بعد فرض بقاء الأمر والغرض (2).
وإن شئت قلت: إن لأمر واحد ليس إلا امتثالا واحدا، فعندئذ إن سقط الأمر بالامتثال الأول لم يعقل امتثاله ثانيا، وإلا وجب ذلك، ضرورة أن حدوث الغرض كما يوجب حدوث الأمر وبقاؤه يوجب بقاءه فجواز الامتثال بعد الامتثال عندئذ لا يرجع إلى معنى معقول.
نعم، إذا أتى المكلف بما لا ينطبق عليه المأمور به خارجا وجب عليه الإتيان به مرة ثانية، إلا أنه ليس امتثالا بعد الامتثال، لفرض أن الأول ليس امتثالا له.
ومن ضوء هذا البيان تظهر نقطة الخطأ في كلام صاحب الكفاية (قدس سره)، وهي:
الخلط بين الغرض المترتب على وجود المأمور به في الخارج من دون دخل