العرضية، وهذا لا من ناحية أخذ الوحدة في معنى الأمر، لما عرفت من عدم أخذها فيه (1)، بل من ناحية صدق الطبيعة عليه خارجا، الموجب لحصول الغرض وسقوط الأمر، فلا يبقى مقتض للتعدد.
وأما الأصل العملي في المقام: فهو أصالة البراءة عن اعتبار الأمر الزائد.
وعلى الجملة: أن ما هو ثابت على ذمة المكلف - ولا شك فيه أصلا - هو اعتبار طبيعي الفعل. وأما الزائد عليه - وهو تقييده بالتكرار أو بعدمه في الأفراد الطولية، أو تقييده بالتعدد أو بعدمه في الأفراد العرضية - فحيث لا دليل على اعتباره فمقتضى الأصل هو البراءة عنه، فإذا جرت أصالة البراءة عن ذلك في كلا الموردين ثبت الإطلاق ظاهرا ومعه يكتفى بطبيعة الحال بالمرة الواحدة، لصدق الطبيعة عليها الموجب لحصول الغرض وسقوط الأمر، كما إذا أمر المولى عبده بإعطاء درهم للفقير فأعطاه درهما واحدا يحصل به الامتثال، لصدق الطبيعي عليه، وعدم الدليل على اعتبار أمر زائد، هذا لا إشكال فيه.
وإنما الإشكال والنزاع في إتيان المأمور به ثانيا بعد إتيانه أولا، ويسمى ذلك ب " الامتثال بعد الامتثال " فهل يمكن ذلك أم لا؟ فيه وجوه، ثالثها: التفصيل بين بقاء الغرض الأقصى وعدمه، وقد اختار المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) هذا التفصيل، وقد أفاد في وجه ذلك ما إليك نصه:
(والتحقيق: أن قضية الإطلاق إنما هو جواز الإتيان بها مرة في ضمن فرد أو أفراد فيكون إيجادها في ضمنها نحوا من الامتثال كايجادها في ضمن الواحد، لا جواز الإتيان بها مرة أو مرات، فإنه مع الإتيان بها مرة لا محالة يحصل الامتثال ويسقط به الأمر فيما إذا كان امتثال الأمر علة تامة لحصول الغرض الأقصى بحيث يحصل بمجرده، فلا يبقى معه مجال لإتيانه ثانيا بداعي امتثال آخر، أو بداعي أن يكون الإتيانان امتثالا واحدا، لما عرفت من حصول الموافقة بإتيانها وسقوط الغرض معها وسقوط الأمر بسقوطه فلا يبقى مجال لامتثاله أصلا.