المرة في كلا الموردين، واستفادة الانحلال وعدمه إنما هي بسبب قرائن خارجية وخصوصيات المورد لا من جهة دلالة الصيغة عليه وضعا.
وبكلمة أخرى: أن المرة والتكرار في الأفراد الطولية، والوحدة والتعدد في الأفراد العرضية جميعا خارج عن إطار مدلول الصيغة مادة وهيئة. والوجه في هذا واضح، وهو: أن الصيغة لو دلت على ذلك فبطبيعة الحال لا تخلو من أن تدل عليه بمادتها، أو بهيئتها، ولا ثالث لهما، والمفروض أنها لا تدل بشئ منهما على ذلك.
أما من ناحية المادة فلفرض أنها موضوعة للدلالة على الطبيعة المهملة المعراة عنها كافة الخصوصيات، منها: المرة والتكرار والوحدة والتعدد فلا تدل على شئ منها.
وأما من ناحية الهيئة فقد تقدم في ضمن البحوث السالفة: أنها موضوعة للدلالة على إبراز الأمر الاعتباري النفساني في الخارج (1)، فلا تدل على خصوصية زائدة على ذلك، كالانحلال وعدمه أصلا.
فالنتيجة: أن هذا النزاع لا يقوم على أساس صحيح وواقع موضوعي، فعندئذ إن قام دليل من الخارج على تقييد الطلب بإحدى الخصوصيات المذكورة فهو، وإلا فالمرجع ما هو مقتضى الأصل اللفظي أو العملي.
أما الأصل اللفظي كأصالة الإطلاق أو العموم إذا كان فلا مانع من التمسك به لإثبات الاكتفاء بالمرة الواحدة في الأفراد الطولية، وهذا لا من ناحية أخذها في معنى هيئة الأمر أو مادته، لما عرفت من عدم دلالة الصيغة عليه بوجه (2)، بل من ناحية أن متعلق الأمر هو صرف الطبيعة، وهو وإن كان كما يصدق بالمرة الواحدة يصدق بالتكرار إلا أن الاكتفاء به في ضمن المرة الواحدة من جهة صدق الطبيعة عليها خارجا، الموجب لحصول الغرض وسقوط الأمر، وعندئذ فلا يبقى مقتض للتكرار أصلا.
كما أنه لا مانع من التمسك به لإثبات الاكتفاء بوجود واحد في الأفراد