مثلا: التكليف المتعلق بالصلاة المشتملة على الأجزاء المزبورة قد وصل إلى المكلف وعلم به فلا يجوز له بحكم العقل مخالفته. وأما التكليف المتعلق بها المشتملة على السورة زائدا عليها حيث إنه لم يصل فلا يحكم العقل بعدم جواز مخالفته.
فالنتيجة على ضوء ما ذكرناه: هي أنه لا مانع من جريان البراءة العقلية والشرعية في كلتا المسألتين على أساس نظريتنا في هذه المسألة، وهي: إمكان أخذ قصد القربة في متعلق الأمر، وأن حاله من هذه الناحية حال بقية الأجزاء والشرائط فلا تفرقة بينهما أصلا، بل على هذا تكون مسألتنا هذه من صغريات تلك المسألة.
ومن ذلك يظهر: أنه لا مانع من جريان البراءة العقلية هنا على مسلكه (قدس سره) أيضا، وذلك للملازمة بين وصول التكليف ووصول الغرض، وبالعكس. وحيث إن التكليف لم يصل إلا بالمقدار المتعلق بالأقل دون الزائد عليه فكذلك الغرض، فإذا لا مانع من الرجوع إلى حكم العقل بقبح العقاب على تركه، أي: ترك قصد القربة.
ودعوى: أن قاعدة قبح العقاب بلا بيان لا تجري في المقام، لعدم إمكان البيان من قبل الشارع خاطئة جدا، وذلك لأن البيان بمعنى أخذ قصد القربة في متعلق الأمر وإن كان لا يمكن على مذهبه. وأما البيان بمعنى أنه دخيل في غرضه ولو بجملة خبرية من دون أخذه في متعلق أمره فهو بمكان من الإمكان.
وعليه فنقول: لو كان قصد القربة دخيلا في غرض المولى فعليه بيانه، وحيث إنه لم يبين مع أنه كان في مقام بيان تمام ما له دخل في غرضه علم من ذلك عدم دخله فيه، فإذا بطبيعة الحال كان العقاب على تركه من العقاب بلا بيان.
نعم، تفترق هذه المسألة عن تلك المسألة على مسلكه (قدس سره) في نقطة واحدة، وهي: جريان البراءة الشرعية هناك وعدم جريانها هنا، باعتبار أن قصد القربة غير مجعول شرعا فليس حاله من هذه الناحية حال بقية الأجزاء والشرائط. ومن