فعلى هذا، لا يتصور للنهي عن الجزء معنى معقولا، بل هو إما يرجع إلى النهي عن شئ أجنبي عن الصلاة، وتكون الصلاة بالنسبة إليه كالسفر بالنسبة إلى الرباعية، والحضر بالنسبة إلى الثنائية، أو يرجع إلى النهي عن حصة من الصلاة، ويكون من النهي عن العبادة.
وتوهم: أن المنهي هي الخصوصية (1)، فهو لا يكون شقا ثالثا، بل يرجع إلى مسألة الاجتماع والامتناع، مع كون النسبة بين المأمور به والمنهي عنه عموما مطلقا، من غير فرق بين كون المنهي عنه عنوان " إجهار القراءة " بشرط سراية النهي إلى القراءة، كما هو المعلوم، وبين كون المنهي الصلاة المجهر بها، لأن النسبة على التقديرين عموم مطلق، وتفصيله في بحوثه (2).
إذا تبين ذلك بحسب الثبوت فالحق: أن النواهي الواردة بهذا الشكل، لا تزيد على النواهي الواردة بشكل آخر ومثل ما إذا تعلق بحصة من الطبيعة من الأول، كقوله: " لا تصل في وبر ما لا يؤكل لحمه " (3) فإنها أيضا تفيد التقييد والتخصيص، وإن كانت مفيدة التحريم.
نعم، قد عرفت: أن قضية الأصل الثانوي إرشاديتها فقط، ولكن إذا قامت القرينة على إفادتها التحريم التكليفي، قضاء لمقتضى الأصل الأولي في النواهي، فلا بأس بكونها مع ذلك مخصصة ومقيدة ومرشدة إلى الجزئية والشرطية، أو المانعية والقاطعية وغير ذلك (4).
وعلى هذا الأساس، يمكن الالتزام بحرمة الضحك والبكاء والأكل والشرب