أقول أولا: إن النهي عن ذات العبادة، معناه مثل الأمر المتعلق بذات العبادة، فكما أنه في باب الأمر المتعلق بذات الصلاة والصوم، ليس تقييد حين تعلقه بهما، فلا بد وأن يكون النهي مطلقا حين تعلقه بذات العبادة، والمثالان المزبوران يرجعان إلى الصورة الثانية، لأنه من النهي المتعلق بالخصوصية، وهو أن المنهي إتيان الصلاة حال الحيض، وإتيان الصوم في زمان كذا، كالنهي عن إتيان الصلاة حال السفر، وإتيان الصوم في حال السفر.
فلا يكون النهي عن ذات العبادة إلا إذا تعلق بطبيعة منهية بجميع أفرادها، كما ذكرناه في النهي عن ذات المعاملة (1)، وذكرنا أن النواهي في المعاملات كلها راجعة إلى الخصوصيات (2)، وإرجاعها إلى نفس الخصوصية خروج عن محط النزاع، لأنه يرجع إلى النهي عن العنوان الخارج، ويندرج في البحث السابق.
وإن أبيت عن ذلك، وبنيت على أن النهي المتعلق بالصلاة حال الحيض من النهي عن الذات، لأن صوم العيدين ليس مورد الأمر، وهكذا صلاة الحائض، بخلاف صلاة غير الحائض، والصوم ممن يصح منه الصوم، إذا تعلق بجهة من جهاته بعد كونه مورد الأمر، فإن النهي في تلك الحال من النهي عن الجزء والخصوصية.
وبالجملة: صلاة الحائض ليست مورد الأمر، بخلاف صلاة الطاهرة فإنها مورد الأمر، وقد نهي عن إتيانها في وبر ما لا يؤكل لحمه، فتلك الصلاة مورد النهي بذاتها، وهذه مورد النهي بخصوصياتها.
فلنا أن نقول: بأن النهي هنا أيضا واضحة إرشاديته، ضرورة أن هذه النواهي تكون في موقف توهم المشروعية الوجوبية أو الندبية حسب المطلقات، ولا تكون تلك النواهي إلا في موقف رفع هذا التوهم، نظير النواهي الواردة بعنوان المخصص