المعينين لما يترتب عليها من الآثار المقصودة بالذات، والمطلوبة حقيقة وغرضا وغاية، ومن ذلك عنوان المعاجين الطبية، فإنها مما لا يطلع على خصوصياتها إلا أهلها، فإذا تصدى أرباب الطب وأصحاب الدساتير للأمر بشئ حول ذلك، والنهي عنه في زمان خاص، وعن شئ خاص، وعن كيفية خاصة، فلا تكون تلك الأوامر والنواهي نفسية، لما لا معنى لها، بل المعني بها والمقصود منها - حسب القرائن الكلية والجزئية - إفادة ما هو الموضوع للأثر المرغوب، وإذا كان الآمر والناهي في هذا الموقف، فلا معنى لحمل أمره ونهيه على النفسية، بل كل ذلك أوامر ونواه جزئية مترشحة من المأمور به النفسي في باب الواجبات ومن عدم صلاحية المنهي عنه للتوسل به إلى السبب المقصود في باب المعاملات، أو أن المنهي عنه فاقد للشرط أو الجزء اللازم في ترتب الأثر المترقب منه.
وبالجملة: إذا قال: " لا تصل في وبر ما لا يؤكل لحمه " أو قال: " صل مع الطهور " فليس ذلك إلا من قبيل الأوامر والنواهي المزبورة.
والسر كل السر: أن صدور الأوامر والنواهي حول المركبات يكون قرينة على هذا المعنى، وصار ذلك إلى حد يمكن دعوى الوضع التعيني للجمل المركبة كما لا يخفى، والأمر - بعد معلومية الأصل المفروغ عنه - واضح.
ومن هنا يظهر: أن النهي إذا تعلق بذات معاملة عرفية - كالقمار الذي يترتب عليه الأثر العرفي - يكون أيضا إرشادا، بخلاف الأمر المتعلق بذات الصلاة والحج، فإنه محمول على الإيجاب النفسي، لأن الأثر المرغوب فيه والمترقب منه ليس مورد نظر الآمر حتى يكون إرشادا إلى السبب المحصل وإن كان ذلك الأثر وهو " معراج المؤمن " (1) و " قربان كل تقي " (2) مقصودا أعلى وغرضا أصليا، ولكن