موضوعا لفظيا، وراجعا إلى حدود الأوضاع والدلالات (1)، ولو كان من الوضع التعييني الحاصل من كثرة الاستعمالات، أو من الوضع الثانوي الحاصل للمركبات والجمل، لكثرة اشتهار إطلاقها وإرادة المعنى الوضعي وراء المعنى التكليفي مثلا، فكن على بصيرة.
وإن شئت قلت: توسط الحرمة لا يضر بلفظية البحث، لأنه يرجع إلى الدلالة الالتزامية. ولو استشكل فيها: بأنها ليست لفظية، يلزم عدم كون المفروض في كلامه لفظيا من المسألة اللفظية أيضا، ضرورة أن النهي لو كان يدل على الفساد، فهو بالالتزام لا المطابقة، فتدبر.
إذا تبين ذلك فاعلم: أن مقتضى الأصل كما هو التحريم في صيغة النهي، ومقتضى الأمر كما هو الوجوب في صيغته، كذلك قضية النهي والأمر المتعلقين بالمركبات العرفية والشرعية، والمخترعات الإسلامية وغير الإسلامية - من غير فرق بين تعلق النهي بالمركبات، وتعلقه بالأجزاء والخصوصيات بخلاف الأمر - هو التحريم والوجوب الوضعيين، والإرشاد إلى الجهة الوضعية من الجزئية، أو الشرطية، أو المانعية والقاطعية. وهذا هو الأصل المفروغ عنه في العبادات، ولا سيما في المعاملات.
وإنما الكلام في منشأ هذا الأصل الثانوي، فقد يقال: إن وجه الأصل المزبور - البالغ إلى حد يمكن دعوى الظهور الوضعي لتلك الهيئات من الجمل المستعملة في العبادات والمعاملات وما شابهها - هو أن العناوين المتعلقة للنهي مختلفة (2):
فمنها: ما هو من العناوين الواضحة لغة وعرفا، ك - " الأكل والشرب ".
ومنها: ما يكون غير واضح، ومحتاجا إلى التوضيح من قبل الأشخاص