يجوز الاجتماع فالأمر واضح " (1).
أقول: قد عرفت أن الاستدلال المزبور يصح بناء على هذا أيضا (2)، لأن مع كون النسبة عموما من وجه إذا جاز اجتماع الحكمين: الإيجابي والندبي، فيجوز اجتماع التحريمي والإيجابي، والقائل بالامتناع يقع في كلفة التأويل، وهو يستلزم المفاسد الاخر كما لا يخفى.
والذي يتوجه إليه - مد ظله - أولا: أن الأمر الإجاري والنذري الباعث نحو الحج الندبي والصلاة المأمور بها بالأمر الاستحبابي، يكون هو المحرك، وقد تقرر منا أن تحريك المكلف نحو التحرك من المحرك الآخر غير معقول (3)، لأنه لا يمكن أن يتحرك بالحركتين وبالشخصين من الحركة الواحدة في الزمان الواحد، فعلى هذا لا يبقى الأمر الندبي باقيا على باعثيته نحو الطبيعة، وإن كان متعلق الأمر الإجاري عنوان " الوفاء بالعقد " ومتعلق الأمر النذري عنوان " الوفاء بالنذر ".
وثانيا: الالتزام بأن الوفاء هو الواجب ولا سيما في باب العقود، غير تام إثباتا، لأن قضية ذلك عدم كفاية استيلاء المتبايعين بعد البيع على ملكهما صدفة في جواز تصرفهما في المبيع والثمن، مع أنه جائز بالضرورة عند العقلاء وحسب الأدلة الشرعية.
مثلا: إذا باع كتابه بشئ، ثم من باب الاتفاق انتقل الكتاب إلى المشتري، وانتقل الثمن إلى البائع، فإنه لا يحق للبائع أن يمنع من تصرف المشتري، لأن ما في يده ملكه، ولم يبق له حق الحبس، لأن الثمن انتقل إليه وهو تحت اختياره.
فمنه يعلم: أن الواجب ليس أمرا قصديا وهو عنوان " الوفاء بالعقد " بل هو