الآمر متعددا، مثلا يصح أن يأمر الوالد بشراء شئ، وتنهى عنه الوالدة، وهذا كاشف عن أن الأحكام ليست متضادة حسب الاصطلاح.
فعليه يمكن دعوى: أن الصوم مورد أمر الله تعالى، فإن الصيام المنوية مستحبة بأصل الشرع وفي كل زمان إلا يومين، وصوم يوم عاشوراء مورد النهي الحكومتي الإسلامي، حذرا من بعض المفاسد المترتبة عليه، أو المصالح المستحسن مراعاتها، فيكون الصوم مورد النهي، ولكن لا النهي الإلهي، بل نهي الحاكم النافذ حكمه بين الأمة الإسلامية، وأما وجوب إطاعة الحاكم في أصل الشرع فلا ينافي الأمر المتوجه إلى الصوم، لما أن النسبة بين المأمور بذلك الأمر والمأمور بهذا الأمر، عموم من وجه. ولعمري إن بذلك تجتمع الظواهر، وترتفع الغائلة.
فذلكة الكلام إن الغائلة نشأت من كون الأمر والنهي متعينين، وعلى الوجه الأول الذي أوضحناه يكون الأمر والنهي على سبيل التخيير، لأن لكل من الصوم والتشبه ببني أمية في الصوم، مصلحة ومفسدة من غير غلبة لإحداهما على الأخرى، فإذا صام صح، لأنه مورد الأمر التخييري، ولو ترك ذلك لأجل النهي المزبور يثاب، وتكون المسألة من باب التزاحم في مقام التقنين.
ولو كانت من باب التزاحم الاصطلاحي أيضا - بناء على إمكان ترك الامتثالين بالصوم بلا قربة - فالوجه أوضح.
ولكن مقتضى هذا الوجه التصرف في الظاهرين بحملهما على التخييري، بخلاف الوجه الأخير، فليتدبر جيدا.