هذا مع أن خروج العامين المطلقين عن النزاع مورد الخلاف (1)، ولا وجه للنظر إلى الاستدلال حسب الرأي الخاص في المسألة، بل المستدل لا بد وأن يرفض خصوصيات مرامه في الاستدلالات المختلفة والبراهين الكثيرة، فلا تغفل عن أصول المناظرة.
وأما الإشكال: بأن الأحكام ليست متضادة (2)، فهو غير متين، لأن المراد من التضاد هي المضادة اللغوية، وهي بينها ضرورية، فإن الشئ الواحد لا يمكن أن يوصف بتلك الأحكام مع كون المكلف واحدا، والمكلف واحدا، والزمان واحدا، وهذا يشهد على أن المقصود هو التخالف العقلي والتضاد اللغوي، كما مر تفصيله.
إن قلت: " إن المحقق في محله صحة العبادات المكروهة، وأما كونها مأمورا بها بالأمر الفعلي، فلا يظهر من كلام الأصحاب (رحمهم الله) وعليه ربما يمكن أن تستند الصحة إلى الملاك، ولا يمنع النهي التنزيهي عن التقرب ".
قلت: هذا ما أفاده السيد الأستاذ البروجردي (قدس سره) (3) وفيه ما لا يخفى، فإن دأب القدماء ما كان على هذه الدقائق المتأخرة.
هذا مع أن الملاك بدون الأمر مما لا سبيل إليه، كما تحرر فيما سبق وتقرر (4).
وثالثا: إن النهي التنزيهي الكاشف عن جهة البعد في المجمع، يمنع عن صحة التقرب على مسلكه، فلا بد من توضيح آخر في المسألة حتى يتمكن من حل عقدة الاستدلال، ولا يكفي الاجمال الذي أفاده، فراجع وتدبر.