وبالجملة: فالاستدلال بها ضعيف، سيما في مقابلة الأدلة المتقدمة كالاستدلال باشتراط الصلاة بالقبلة بالنص والاجماع. والمشروط منتف عند انتفاء شرطه، فهي إلى غير القبلة فائتة، ومن فاتته صلاة وجب عليه القضاء إجماعا، نصا وفتوى، وإنما لم يجب إعادة ما بين المشرق والمغرب، ولا قضاء ما صلى إليهما، للاتفاق عليهما نصا وفتوى كما مضى.
وبالخبرين: عن رجل صلى على غير القبلة، ثم تبين القبلة، وقد دخل وقت صلاة أخرى، قال: يصليها قبل أن يصلي هذه التي دخل وقتها، إلا أن يخاف فوت التي دخل فيها (1) (2). لمنع الأول بمنع الاشتراط بالقبلة، بل بظنها فلا فوت للامتثال.
ولذا قال الفاضل في النهاية: والأصل أنه إن كلف بالاجتهاد لم يجب القضاء، وإن كلف بالاستقبال وجب (3) انتهى. ولا يرد أنه لو كفى الاجتهاد لم تجب الإعادة في الوقت، للخروج بالنص والاجماع، ولضعف الخبرين، أو قصورهما سندا ومكافأة لما مضى، بل ودلالة أيضا، لعدم تقييدهما بالاستدبار، بل هما عامان له، وللتشريق والتغريب وما دونهما، وهو خلاف الاجماع.
وتقييدهما بالأول جمعا بينهما وبين الأخبار المتقدمة فرع الشاهد عليه وليس، مضافا إلى استلزامه حمل المطلق على الفرد النادر، إذ الاستدبار الحقيقي قل ما يتفق، سيما للمجتهد كما هو بعض أفراد محل البحث، ولا يرد مثله على النصوص السابقة، لعموم بعضها من حيث التعليل بقوله: " فحسبه اجتهاده "، مضافا إلى اعتضادها أجمع بالأصول العامة مثل:
أصالة البراءة، بناء على أن القضاء بفرض جديد، ولا يثبت إلا حيثما يصدق