أقول: لا يخفى ما فيه من الأنظار. منها: ما في جعله التكاليف التحريمية التي ليس لها تعلق بأمر خارجي كالغناء في سياق التكاليف الوجوبية كالصلاة مثلا، بكون المرجع فيها قاعدة الاشتغال.
وتوضيح النظر يظهر مما بينا بأن المرجع في النواهي مطلقا - حتى ما كان متعلقا بصرف الوجود فضلا عن مثل النهي عن الغناء وأمثاله المتعلقة بالطبيعة السارية - عند الشك في مصداقية شئ للمنهي عنه هو البراءة بملاحظة انحلال تركه إلى ترك مرتبة ملازم لترك المشكوك أم لا؟ فقهرا يصير أمره مرددا بين الأقل والأكثر، والمرجع فيه هو البراءة، غاية الأمر الفرق بين صورة التعلق بالطبيعة السارية أو الصرفة رجوع ترك الطبيعة في الأول إلى الأقل والأكثر [الاستقلاليين] وفي الثاني رجوع تركه إلى الأقل والأكثر [الارتباطيين]، ولا فرق بينهما على المختار في جريان البراءة [عقليتها] و [نقليتها]، بل وعلى مختاره في جريان البراءة النقلية، كما لا يخفى.
ومنها: ما في جعله النواهي المتعلقة بأمر خارجي بأنها دائما من باب إناطة التكليف بالأمر الخارجي ومن هذه الجهة يكون التكليف فيه انحلاليا.
وتوضيح النظر فيه بما عرفت بأن التكليف في النواهي - بملاحظة كون المقصود فيها ترك الطبيعي المردد بين ما هو شامل للمصداق المشكوك وبين عدمه - دائما يكون انحلاليا، تعلق بأمر خارج أم لا، كان منوطا به أم لا. وهذه الجهة من الانحلال في ترك الطبيعي المردد بين الأقل والأكثر غير [مرتبطة] بالقضايا الحقيقية، حتى لو سلمنا جريانها في باب التكاليف، فضلا عما أوردنا عليه في بحث مقدمة الواجب من أن باب التكاليف طرا خارجة عن مصب القضايا الحقيقية، فراجع (1).