الفرضين السابقين [فلا] شبهة في أن المولى في مقام تكليفه لاحظ الطبيعة منطبقة على [فردها] و [أوجبها] بنحو الاستغراق أو الطبيعة السارية، ففي هذه الصورة المتكفل لتطبيق الطبيعة في مقام تكليفه هو المولى بلا جعله التطبيق في عهدة عبده، وحينئذ لا يكون اشتغاله بتكليف المولى بنظر العقل إلا [بما] هو مفروغ التطبيق، وحينئذ فمع الشك في انطباق الطبيعة على المورد لم يحكم العقل باشتغال ذمته بمثله، لعدم إحرازه تطبيق مولاه على المورد، فيحكم بإجراء البراءة الأصلية كما لا يخفى.
ومن هذا البيان ظهر الحال في صورة عدم كون معروض التكليف متعلقا بموضوع كالتكليف بالصلاة والصوم مثلا فإنه في هذه الصورة أيضا لا بد من إجراء التفصيل السابق بين كون متعلق التكليف الطبيعة السارية بنحو يكون الخطاب انحلاليا أو صرف الوجود [فإنه] على الأول عند الشك في وجود العنوان وانطباقه على المورد [يكون] مجرى البراءة، بخلاف الفرض الأخير، فإنه مع الشك في التطبيق يجب الاحتياط، بمعنى صيرورته بصراط التطبيق إلى أن ينكشف عجزه عنه لجريان النكتة السابقة [الفارقة] بين الفرضين في المقام.
وعليه فيصح لنا دعوى أن الخطاب في كل مورد يكون انحلاليا [تكون صورة] الشك في انطباق العنوان على المورد حتى مع فرض كون الموضوع بجميع شؤونه في حيز الخطاب [داخلة] في مجرى البراءة الأصلية. وكل مورد لم يكن انحلاليا فلا بد وأن يفصل بين كون موضوع الخطاب أيضا في حيز التكليف أم لا:
فعلى الأول [تكون] صورة الشك في الانطباق موضوع حكم العقل بالاحتياط بمعنى صيرورته بصراط تطبيق الخطاب إلى أن ينكشف الخلاف.
وعلى الثاني مع فرض الشك في الموضوع كان مجرى البراءة، للشك في ما أنيط به التكليف، كما هو الشأن في كل ما شك في وجود شرط تكليفه، كما لا يخفى،