ومجرد امتيازهما في إجمال المتعلق وتفصيله لا يكون فارقا في هذا المقام بعد قابلية المعلوم بأي صورة من الاجمال أو التفصيل للتنجز والتحميل على العبد.
كيف؟ ووجدان العقل شاهد أن أمر المولى - ولو كان مرددا بين الخصوصيتين - لا بد من امتثاله بلا دخل لخصوصية أمر فيه دون أمر.
ففي الحقيقة ما هو موضوع حكم العقل بوجوب الامتثال طبيعة أمر المولى في أي صورة كانت بلا دخل لخصوصية فيه دون خصوصية، فإذا كان ذلك موضوع حكم العقل فلا شبهة في انكشافه بتمام الانكشاف، فقهرا يحكم العقل بصيرورته في عهدة العبد، ولا نعني من تنجزه إلا ذلك.
نعم لو كان لخصوصية الأوامر دخل في وجوب الامتثال كان للتفرقة بين العلم التفصيلي والإجمالي مجال فرق. ولكن أنى لنا بإثباته، بل دونه خرط القتاد.
وحينئذ فما نسب إلى بعض الفحول من منع منجزية العلم الاجمالي رأسا (1) في غير محله. ويكفي عليهم استقلال العقل في وجوب امتثال أوامر المولى بمجرد إحراز طبيعة أمره [بلا] احتياج إلى إحراز فرده بخصوصه، وحينئذ فلو بدل شيخنا الأعظم (2) في إثبات منجزية العلم الاجمالي اطلاق دليل الحكم بإطلاق حكم العقل واستقلاله بوجوب الامتثال حتى في مورد العلم الاجمالي كان أنسب، لما عرفت من أن التشبث بإطلاق دليل الحكم تبعيد للمسافة، إذ مورد البحث هو العلم الاجمالي بالحكم الملازم للفراغ عن إطلاق الدليل لمورده. وإلا فلا علم بالحكم أصلا كما لا يخفى.