هذا كله حال الأوامر.
وأما النواهي فهي أيضا تجري فيها التقسيمات الآتية: من كون النهي متعلقا بالطبيعة السارية أو بصرف الوجود. وعلى كل تقدير: تارة يكون الخطاب متعلقا بموضوع خارج عن معروض النهي كشرب الخمر، وأخرى لا يكون لمعروضه متعلق كالغناء.
ثم في فرض وجود المتعلق تارة يكون الخطاب منوطا به وأخرى لا يكون منوطا، بل المتعلق أيضا في حيز التكليف. فإن كان النهي متعلقا بالطبيعة السارية - كما هو الشأن في النواهي النفسية الشرعية طرا، وفي الغيرية غالبا - فالظاهر عند الشك في المصداق أن المجرى فيه البراءة في جميع هذه الصور من فرض الطبيعة السارية حتى فيما لا يكون له تعلق بأمر خارجي، لكون الخطاب فيه انحلاليا كما هو الشأن في الأوامر أيضا في هذا الفرض. وحينئذ لا ثمرة في هذا التشقيق إلا تكثير سواد.
كما أنه إن كان النهي متعلقا بصرف الوجود [فالظاهر] أيضا عند الشك في المصداق كون المقام مجرى البراءة أيضا في جميع الصور حتى ما لا يكون له تعلق بأمر خارجي، نظرا إلى أن المقصود من النهي ترك المنهي عنه، ومن البديهي أن بسعة أفراد الطبيعي و [ضيقها] تتسع دائرة ترك الطبيعي و [تتضيق]، نظرا إلى أن ترك الطبيعي عين ترك أفراده لا أمر حاصل منها، كما أن [وجوده] عين وجود أفراده. ولازمه عند الشك في المصداق [أن] يرجع الشك إلى الشك [في] الترك [المنبسط] لترك المشكوك، ففي مثله يرجع الشك إلى التكليف بأمر مردد بين السعة والضيق، وفي مثله لا بأس بجريان البراءة عن التكليف بالترك الزائد المشكوك كما هو الشأن في باب الأقل والأكثر [الارتباطيين]. وفي هذا المقام [تفترق] النواهي عن الأوامر حيث إنه في صورة عدم تعلقه بموضوع أو تعلقه