البراءة في المسألة المتقدمة، لفقد الخطاب التفصيلي المتعلق بالأمر المجمل في تلك المسألة ووجوده هنا، فيجب الاحتياط بالجمع بين محتملات الواجب المجمل، كما هو الشأن في كل خطاب تعلق بأمر مجمل، ولذا فرعوا على القول بوضع الألفاظ للصحيح كما هو المشهور، وجوب الاحتياط في أجزاء العبادات وعدم جواز إجراء أصل البراءة فيها.
وفيه: أن وجوب الاحتياط في المجمل المردد بين الأقل والأكثر ممنوع، لأن المتيقن من مدلول هذا الخطاب وجوب الأقل بالوجوب المردد بين النفسي والمقدمي، فلا محيص عن الإتيان به، لأن تركه مستلزم للعقاب، وأما وجوب الأكثر فلم يعلم من هذا الخطاب، فيبقى مشكوكا، فيجئ (1) فيه ما مر من الدليل العقلي والنقلي.
والحاصل: أن مناط وجوب الاحتياط عدم جريان أدلة البراءة في واحد معين من المحتملين - لمعارضته بجريانها في المحتمل الآخر - حتى يخرج المسألة بذلك عن مورد البراءة ويجب الاحتياط فيها، لأجل تردد الواجب المستحق على تركه العقاب بين أمرين لا معين (2) لأحدهما، من غير فرق في ذلك بين وجود خطاب تفصيلي في المسألة متعلق بالمجمل وبين وجود خطاب مردد بين خطابين.
فإذا (3) فقد المناط المذكور وأمكن البراءة في واحد معين، لم يجب الاحتياط من غير فرق بين الخطاب التفصيلي وغيره.