قولان، متفرعان على القول المتقدم في الأمر السادس (1) - من وجوب مراعاة العلم التفصيلي مع الإمكان - مبنيان على أنه:
هل يجب مراعاة ذلك من جهة نفس الواجب؟ فلا يجب إلا إذا أوجب إهماله ترددا في أصل الواجب، كتكرار الصلاة في الثوبين المشتبهين إلى أربع جهات، فإنه يوجب ترددا في الواجب زائدا على التردد الحاصل من جهة اشتباه القبلة، فكما يجب رفع التردد مع الإمكان كذلك يجب تقليله.
أما إذا لم يوجب إهماله ترددا زائدا في الواجب فلا يجب، كما في ما نحن فيه، فإن الإتيان بالعصر المقصورة بعد الظهر المقصورة لا يوجب ترددا زائدا على التردد الحاصل من جهة القصر والإتمام، لأن العصر المقصورة إن كانت مطابقة للواقع كانت واجدة لشرطها، وهو الترتب على الظهر، وإن كانت مخالفة للواقع لم ينفع وقوعها مترتبة على الظهر الواقعية، لأن الترتب (2) إنما هو بين الواجبين واقعا.
ومن ذلك يظهر: عدم جواز التمسك بأصالة بقاء الاشتغال بالظهر وعدم فعل الواجب الواقعي، وذلك لأن المترتب على بقاء الاشتغال وعدم فعل الواجب عدم جواز الإتيان بالعصر الواقعي، وهو مسلم، ولذا لا يجوز الإتيان حينئذ بجميع محتملات العصر، وهذا المحتمل غير معلوم أنه العصر الواقعي، والمصحح للإتيان به هو المصحح لإتيان محتمل الظهر المشترك معه في الشك و (3) جريان الأصلين فيه.