لأن مجرد التحريم لا يدل على النجاسة فضلا عن تنجس الملاقي، وارتكاب التخصيص في الرواية بإخراج ما عدا النجاسات من المحرمات، كما ترى، فالملازمة بين نجاسة الشئ وتنجس ملاقيه، لا حرمة الشئ وحرمة ملاقيه.
فإن قلت: وجوب الاجتناب عن ملاقي المشتبه وإن لم يكن من حيث ملاقاته له، إلا أنه يصير كملاقيه في العلم الإجمالي بنجاسته أو نجاسة المشتبه الآخر، فلا فرق بين المتلاقيين في كون كل منهما أحد طرفي الشبهة، فهو نظير ما إذا قسم أحد المشتبهين قسمين وجعل كل قسم في إناء.
قلت: ليس الأمر كذلك، لأن أصالة الطهارة والحل في الملاقي - بالكسر - سليم عن معارضة أصالة طهارة المشتبه الآخر، بخلاف أصالة الطهارة والحل في الملاقى - بالفتح - فإنها معارضة بها في المشتبه الآخر.
والسر في ذلك: أن الشك في الملاقي - بالكسر - ناش عن الشبهة المتقومة بالمشتبهين، فالأصل فيهما (1) أصل في الشك السببي، والأصل فيه أصل في الشك المسببي (2)، وقد تقرر في محله (3): أن الأصل في الشك السببي حاكم (4) على الأصل في الشك المسببي (5) - سواء كان مخالفا له،