إلا أن يقال: إن احتمال أن يرد من الشارع حكم توقيفي في ترجيح جانب الحرمة - ولو لاحتمال شمول أخبار التوقف لما نحن فيه - كاف في الاحتياط والأخذ بالحرمة.
ثم لو قلنا بالتخيير، فهل هو في ابتداء الأمر فلا يجوز له العدول عما اختار، أو مستمر فله العدول مطلقا، أو بشرط البناء على الاستمرار (1)؟ وجوه.
يستدل للأول: بقاعدة الاحتياط، واستصحاب الحكم المختار، واستلزام العدول للمخالفة القطعية المانعة عن الرجوع إلى الإباحة من أول الأمر (2).
ويضعف الأخير: بأن المخالفة القطعية في مثل ذلك لا دليل على حرمتها، كما لو بدا للمجتهد في رأيه، أو عدل المقلد عن مجتهده لعذر - من موت، أو جنون، أو فسق - أو اختيارا (3) على القول بجوازه.
ويضعف الاستصحاب: بمعارضة استصحاب التخيير الحاكم عليه.
ويضعف قاعدة الاحتياط: بما تقدم، من أن حكم العقل بالتخيير عقلي لا احتمال فيه حتى يجري فيه الاحتياط.
ومن ذلك يظهر: عدم جريان استصحاب التخيير، إذ لا إهمال في حكم العقل حتى يشك في بقائه في الزمان الثاني.
فالأقوى: هو التخيير الاستمراري، لا للاستصحاب بل لحكم العقل في الزمان الثاني كما حكم به في الزمان الأول.