الثاني أن وجوب الاجتناب عن كل من المشتبهين، هل هو بمعنى لزوم الاحتراز عنه حذرا من الوقوع في المؤاخذة بمصادفة ما ارتكبه للحرام الواقعي، فلا مؤاخذة إلا على تقدير الوقوع في الحرام، أو هو بمعنى لزوم الاحتراز عنه من حيث إنه مشتبه، فيستحق المؤاخذة بارتكاب أحدهما ولو لم يصادف الحرام، ولو ارتكبهما استحق عقابين؟
فيه وجهان، بل قولان. أقواهما: الأول، لأن حكم العقل بوجوب دفع الضرر - بمعنى العقاب المحتمل بل المقطوع - حكم إرشادي، وكذا لو فرض أمر الشارع بالاجتناب عن عقاب محتمل أو مقطوع بقوله:
" تحرز عن الوقوع في معصية النهي عن الزنا "، لم يكن إلا إرشاديا، ولم يترتب على موافقته ومخالفته سوى خاصية نفس المأمور به وتركه، كما هو شأن الطلب الإرشادي.
وإلى هذا المعنى أشار صلوات الله عليه بقوله: " اتركوا ما لا بأس به حذرا عما به البأس " (1)، وقوله: " من ارتكب الشبهات