خلط الحرام حلالا فاختلطا جميعا فلم يعرف الحرام من الحلال، فلا بأس " (1).
فإن ظاهره: نفي البأس عن التصدق والصلة والحج من المال المختلط وحصول الأجر في ذلك، وليس فيه دلالة على جواز التصرف في الجميع. ولو فرض ظهوره فيه صرف عنه، بما دل على وجوب الاجتناب عن الحرام الواقعي، وهو مقتض بنفسه لحرمة التصرف في الكل، فلا يجوز ورود الدليل على خلافها، ومن جهة حكم العقل بلزوم الاحتياط لحرمة التصرف في البعض المحتمل أيضا، لكن عرفت أنه يجوز الإذن في ترك بعض المقدمات العلمية بجعل بعضها الآخر بدلا ظاهريا عن ذي المقدمة.
والجواب عن هذا الخبر: أن ظاهره جواز التصرف في الجميع، لأنه يتصدق ويصل ويحج بالبعض ويمسك الباقي، فقد تصرف في الجميع بصرف البعض وإمساك (2) الباقي، فلا بد إما من الأخذ به وتجويز المخالفة القطعية، وإما من صرفه عن ظاهره، وحينئذ: فحمله على إرادة نفي البأس عن التصرف في البعض وإن حرم عليه إمساك مقدار الحرام، ليس بأولى من حمل الحرام على حرام خاص يعذر فيه الجاهل، كالربا بناء على ما ورد في عدة أخبار: من حلية الربا الذي اخذ جهلا ثم لم يعرف بعينه في المال المخلوط (3).