أقول: قد ذكرنا في المتبائنين (1) وفيما نحن فيه (2): أن استصحاب الاشتغال لا يثبت لزوم الاحتياط إلا على القول باعتبار الأصل المثبت الذي لا نقول به وفاقا لهذا الفاضل، وأن العمدة في وجوب الاحتياط هو: حكم العقل بوجوب إحراز محتملات الواجب الواقعي بعد إثبات (3) تنجز التكليف، وأنه المؤاخذ به والمعاقب على تركه ولو حين الجهل به وتردده بين متبائنين أو الأقل والأكثر.
ولا ريب أن ذلك الحكم مبناه وجوب دفع العقاب المحتمل على ترك ما يتركه المكلف، وحينئذ: فإذا أخبر الشارع - في قوله " ما حجب الله... "، وقوله " رفع عن أمتي... " وغيرهما - بأن الله سبحانه لا يعاقب على ترك ما لم يعلم جزئيته، فقد ارتفع احتمال العقاب في ترك ذلك المشكوك، وحصل الأمن منه، فلا يجري فيه حكم العقل بوجوب دفع العقاب المحتمل.
نظير ما إذا أخبر الشارع بعدم المؤاخذة على ترك الصلاة إلى جهة خاصة من الجهات لو فرض كونها القبلة الواقعية، فإنه يخرج بذلك عن باب المقدمة، لأن المفروض أن تركها لا يفضي إلى العقاب (4).
نعم، لو كان مستند الاحتياط أخبار الاحتياط، كان لحكومة تلك الأخبار على أخبار البراءة وجه أشرنا إليه في الشبهة التحريمية من