في أحد شيئين لا يتمكن المكلف من ارتكاب واحد معين منهما، فلا يجب الاجتناب عن الآخر، لأن الشك في أصل تنجز التكليف، لا في المكلف به تكليفا منجزا.
وكذا: لو كان ارتكاب الواحد المعين ممكنا عقلا، لكن المكلف أجنبي عنه وغير مبتل به بحسب حاله، كما إذا تردد النجس بين إنائه وإناء آخر (1) لا دخل للمكلف فيه أصلا، فإن التكليف بالاجتناب عن هذا الإناء الآخر المتمكن عقلا غير منجز عرفا، ولهذا لا يحسن التكليف المنجز بالاجتناب عن الطعام أو الثوب الذي ليس من شأن المكلف الابتلاء به.
نعم، يحسن الأمر بالاجتناب عنه مقيدا بقوله: إذا اتفق لك الابتلاء بذلك بعارية أو تملك (2) أو إباحة فاجتنب عنه.
والحاصل: أن النواهي المطلوب فيها حمل المكلف على الترك مختصة - بحكم العقل والعرف - بمن يعد مبتلى بالواقعة المنهي عنها، ولذا يعد خطاب غيره بالترك مستهجنا إلا على وجه التقييد بصورة الابتلاء.
ولعل السر في ذلك: أن غير المبتلي تارك للمنهي عنه بنفس عدم ابتلائه (3)، فلا حاجة إلى نهيه، فعند الاشتباه لا يعلم المكلف بتنجز التكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعي.
وهذا باب واسع ينحل به الإشكال عما علم من عدم وجوب