وعلم إرادة المولى بشئ وصدور الخطاب عنه إلى العبيد وإن لم يصل إليهم، لم يكن بد عن موافقته إما حقيقة بالاحتياط، وإما حكما بفعل ما جعله الشارع بدلا عنه، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في الشبهة المحصورة (1).
ومما ذكرنا يظهر: عدم جواز التمسك في المقام بأدلة البراءة، مثل رواية الحجب (2) والتوسعة (3) ونحوهما (4)، لأن العمل بها في كل من الموردين بخصوصه يوجب طرحها بالنسبة إلى أحدهما المعين عند الله المعلوم وجوبه، فإن وجوب واحدة من الظهر والجمعة أو من القصر والإتمام مما لم يحجب الله علمه عنا، فليس موضوعا عنا ولسنا في سعة منه، فلا بد إما من الحكم بعدم جريان هذه الأخبار في مثل المقام مما علم وجوب شئ إجمالا، وإما من الحكم بأن شمولها للواحد المعين المعلوم وجوبه ودلالتها بالمفهوم على عدم كونه موضوعا عن العباد وكونه محمولا عليهم ومأخوذين به وملزمين عليه (5)، دليل علمي - بضميمة حكم العقل بوجوب المقدمة العلمية - على وجوب الإتيان بكل من الخصوصيتين، فالعلم بوجوب كل منهما لنفسه وإن كان محجوبا