الرابع أن الثابت في كل من المشتبهين - لأجل العلم الإجمالي بوجود الحرام الواقعي فيهما - هو وجوب الاجتناب، لأنه اللازم من باب المقدمة من التكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعي، أما سائر الآثار الشرعية المترتبة على ذلك الحرام فلا تترتب عليهما، لعدم جريان باب المقدمة فيها، فيرجع فيها إلى الأصول الجارية في كل من المشتبهين بالخصوص، فارتكاب أحد المشتبهين لا يوجب حد الخمر على المرتكب، بل يجري أصالة عدم موجب الحد ووجوبه.
وهل يحكم بتنجس ملاقيه؟ وجهان، بل قولان مبنيان على أن تنجس الملاقي إنما جاء من وجوب الاجتناب عن ذلك النجس، بناء على أن الاجتناب عن النجس يراد به ما يعم الاجتناب عن ملاقيه ولو بوسائط، ولذا استدل السيد أبو المكارم في الغنية على تنجس الماء القليل بملاقاة النجاسة، بما دل على وجوب هجر النجاسات في قوله تعالى: * (والرجز فاهجر) * (1)، ويدل عليه أيضا ما في بعض الأخبار،