وأما الشك، فلما لم يكن فيه كشف أصلا لم يعقل (1) أن يعتبر، فلو ورد في مورده حكم شرعي - كأن يقول: الواقعة المشكوكة حكمها كذا - كان حكما ظاهريا، لكونه مقابلا للحكم الواقعي المشكوك بالفرض. ويطلق عليه الواقعي الثانوي أيضا، لأنه حكم واقعي للواقعة المشكوك في حكمها، وثانوي بالنسبة إلى ذلك الحكم المشكوك فيه، لأن موضوع هذا الحكم الظاهري - وهي الواقعة المشكوك في حكمها - لا يتحقق إلا بعد تصور حكم نفس الواقعة والشك فيه.
مثلا: شرب التتن في نفسه له حكم فرضنا في ما نحن فيه شك المكلف فيه، فإذا فرضنا ورود حكم شرعي لهذا الفعل المشكوك الحكم، كان هذا الحكم الوارد (2) متأخرا طبعا عن ذلك المشكوك، فذلك الحكم (3) واقعي بقول مطلق، وهذا الوارد ظاهري، لكونه المعمول به في الظاهر، وواقعي ثانوي، لأنه متأخر عن ذلك الحكم، لتأخر موضوعه عنه.
ويسمى الدليل الدال على هذا الحكم الظاهري " أصلا "، وأما ما دل على الحكم الأول - علما أو ظنا معتبرا - فيختص باسم " الدليل "، وقد يقيد ب " الاجتهادي "، كما أن الأول قد يسمى ب " الدليل " مقيدا ب " الفقاهتي ". وهذان القيدان اصطلاحان من الوحيد البهبهاني، لمناسبة مذكورة في تعريف الفقه والاجتهاد (4).