كما في أصالة طهارة الماء الحاكمة على أصالة نجاسة الثوب النجس المغسول به، أم موافقا له كما في أصالة طهارة الماء الحاكمة على أصالة إباحة الشرب -، فما دام الأصل الحاكم الموافق أو المخالف يكون جاريا لم يجر الأصل المحكوم، لأن الأول رافع شرعي للشك المسبب بمنزلة الدليل بالنسبة إليه، وإذا لم يجر الأصل الحاكم لمعارضته بمثله زال المانع من جريان الأصل في الشك المسبب ووجب الرجوع إليه، لأنه كالأصل بالنسبة إلى المتعارضين.
ألا ترى: أنه يجب الرجوع عند تعارض أصالة الطهارة والنجاسة - عند تتميم الماء النجس كرا بطاهر، وعند غسل المحل النجس بماءين مشتبهين بالنجس - إلى قاعدة الطهارة، ولا تجعل القاعدة كأحد المتعارضين؟
نعم، ربما تجعل معاضدا لأحدهما الموافق لها (1) بزعم كونهما في مرتبة واحدة.
لكنه توهم فاسد، ولذا لم يقل أحد في مسألة الشبهة المحصورة بتقديم أصالة الطهارة في المشتبه الملاقى - بالفتح - لاعتضادها بأصالة طهارة الملاقي، بالكسر.
فالتحقيق في تعارض الأصلين مع اتحاد مرتبتهما لاتحاد الشبهة الموجبة لهما: الرجوع إلى ما وراءهما من الأصول التي لو كان أحدهما سليما عن المعارض لم يرجع إليه، سواء كان هذا الأصل مجانسا لهما أو من غير جنسهما كقاعدة الطهارة في المثالين، فافهم واغتنم.