بالأجزاء، لا يوجب جريان أصالة عدم الوجوب أو أصالة البراءة.
لكن الإنصاف: أن التمسك بأصالة عدم وجوب الأكثر لا ينفع في المقام، بل هو قليل الفائدة، لأنه: إن قصد به نفي أثر الوجوب الذي هو استحقاق العقاب بتركه، فهو وإن كان غير معارض بأصالة عدم وجوب الأقل كما ذكرنا، إلا أنك قد عرفت فيما تقدم في الشك في التكليف (1): أن استصحاب عدم التكليف المستقل (2) - وجوبا أو تحريما - لا ينفع في دفع (3) استحقاق العقاب على الترك أو الفعل، لأن عدم استحقاق العقاب ليس من آثار عدم الوجوب والحرمة الواقعيين حتى يحتاج إلى إحرازهما بالاستصحاب، بل يكفي فيه عدم العلم بهما، فمجرد الشك فيهما كاف في عدم استحقاق العقاب بحكم العقل القاطع.
وقد أشرنا إلى ذلك عند التمسك في حرمة العمل بالظن بأصالة عدم حجيته، وقلنا: إن الشك في حجيته كاف في التحريم ولا يحتاج إلى إحراز عدمها بالأصل (4).
وإن قصد به نفي الآثار المترتبة على الوجوب النفسي المستقل، فأصالة عدم هذا الوجوب في الأكثر معارضة بأصالة عدمه في الأقل، فلا تبقى لهذا الأصل فائدة إلا في نفي ما عدا العقاب من الآثار المترتبة على مطلق الوجوب الشامل للنفسي والغيري.