بالخمر مع العلم بكون أحدهما خمرا، فإنه لما علم من الأدلة تحريم الخمر الواقعي ولو تردد بين الأمرين، كان معنى الرخصة في ارتكاب أحدهما الإذن في البناء على عدم كونه هو الخمر المحرم عليه وأن المحرم غيره، فكل منهما حلال، بمعنى جواز البناء على كون المحرم غيره.
والحاصل: أن مقصود الشارع من هذه الأخبار أن يلغي من طرفي الشك في حرمة الشئ وحليته احتمال الحرمة ويجعل محتمل الحلية في حكم متيقنها، ولما كان في المشتبهين بالشبهة المحصورة شك واحد ولم يكن فيه إلا احتمال كون هذا حلالا وذاك حراما واحتمال العكس، كان إلغاء احتمال الحرمة في أحدهما إعمالا له في الآخر وبالعكس، وكان الحكم الظاهري في أحدهما بالحل حكما ظاهريا بالحرمة في الآخر، وليس معنى حلية كل منهما إلا الإذن في ارتكابه وإلغاء احتمال الحرمة فيه المستلزم لإعماله في الآخر.
فتأمل حتى لا تتوهم: أن استعمال قوله (عليه السلام): " كل شئ لك حلال " بالنسبة إلى الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي والشبهات المجردة استعمال في معنيين.
قلت: الظاهر من الأخبار المذكورة البناء على حلية محتمل التحريم والرخصة فيه، لا وجوب البناء على كونه هو الموضوع المحلل.
ولو سلم، فظاهرها البناء على كون كل مشتبه كذلك، وليس الأمر بالبناء على كون أحد المشتبهين هو الخل أمرا بالبناء على كون الآخر هو الخمر، فليس في الروايات من البدلية عين ولا أثر، فتدبر.