بدفع الضرر المتيقن، كما يعلم بالوجدان عند وجود مائع محتمل السمية إذا فرض تساوي الاحتمالين من جميع الوجوه.
لكن حكم العقل بوجوب دفع الضرر المتيقن إنما هو بملاحظة نفس الضرر الدنيوي من حيث هو، كما يحكم بوجوب دفع الضرر الأخروي كذلك، إلا أنه قد يتحد مع الضرر الدنيوي عنوان يترتب عليه نفع أخروي، فلا يستقل العقل بوجوب دفعه، ولذا (1) لا ينكر العقل أمر الشارع بتسليم النفس للحدود والقصاص، وتعريضها (2) في الجهاد والإكراه على القتل أو على الارتداد.
وحينئذ: فالضرر الدنيوي المقطوع يجوز أن يبيحه الشارع لمصلحة، فإباحته للضرر المشكوك لمصلحة الترخيص على العباد أو لغيرها من المصالح، أولى بالجواز (3).
فإن قلت: إذا فرضنا قيام أمارة غير معتبرة على الحرمة، فيظن الضرر، فيجب دفعه، مع انعقاد الإجماع على عدم الفرق بين الشك والظن الغير المعتبر.
قلنا: الظن بالحرمة لا يستلزم الظن بالضرر، أما الأخروي، فلأن المفروض عدم البيان، فيقبح. وأما الدنيوي، فلأن الحرمة لا تلازم