واختارت الله ورسوله فاعتقها وجعلها في جملة أزواجه ومنها غزوة الحديبية وكان أمير المؤمنين عليه السلام كتب بين النبي وبين سهل بن عمرو فقال النبي صلى الله عليه وآله اكتب يا علي فكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهل هذا كتاب بيننا وبينك فافتحه بما نعرفه واكتب باسمك اللهم وامح ما كتبت فقال النبي صلى الله عليه وآله امح يا علي فقال علي لولا طاعتك لما محوتها فمحاها وكتب علي بسمك اللهم فقال له النبي صلى الله عليه وآله اكتب هذا ما قاضى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال سهل لو أجبنك (أجبتك) في الكتاب لا قررت برسالتك امح هذا واكتب اسمك فامر النبي عليا بمحوه فقال علي عليه السلام ان يدي لا تطيع فاخذ النبي يد علي فوضعها عليه فمحاها فقال صلى الله عليه وآله لعلي انك ستدعى إلى مثلها فتجيب على مضض وفي هذه الغزوة طلب النبي صلى الله عليه وآله الماء فكل من يذهب بالروايا يرجع خاليا حتى ذهب علي عليه السلام فملا الروايا واتى به وعجب الناس وفي هذه الغزوة اقبل سهل بن عمرو إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال للنبي صلى الله عليه وآله إن أرقائنا لحقوا بك فارجعهم إلينا فغضب صلى الله عليه وآله وقال لتنتهن يا معشر قريش أو ليبعثن الله عليكم رجلا امتحن الله قلبه للايمان يضرب رقابكم على الدين فقال بعض من حضر أبو بكر قال لا قيل عمر قال لا قال صلى الله عليه وآله ولكنه خاصف النعل في الحجرة فنظروا فإذا بعلي عليه السلام يخصف نعل رسول الله صلى الله عليه وآله في الحجرة وقد ورد هذا المضمون في عدة روايات منها غزوة خيبر وقد روى عبد الملك بن هشام في كتاب السيرة النبوية يرفعه إلى ابن الأكوع عن النبي صلى الله عليه وآله انه نهض برايته إلى بعض حصون خيبر أبا بكر فقال صلى الله عليه وآله ورجع خائبا ثم بعث عمر فكان كذلك فقال لا عطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه كرارا ليس بفرار فدعى عليا عليه السلام وكان أرمد فتفل في عينيه ثم قال خذ هذه الراية وامضى حتى يفتح الله عليك وفيها عن أبي رافع ان عليا عليه السلام لما دنى من الحصن ضربه يهودي بحجر فسقط ترسه من يده فتناول باب الحصن وتترسه حتى فتح الله على يديه وألقاه من يده قال كان معي سبعة نفر وانا ثامنهم فجهدنا ان نقلب الباب فلم نقدر وقيل وكان الذي يغلقه عشرون رجلا وأراد المسلمون نقل الباب فلم ينقله الا سبعون رجلا ومنها غزوة الفتح وفيها أمر النبي صلى الله عليه وآله سعد بن عباده باعطاء الراية لعلي وفيها أرسله النبي لاخراج كتاب كتبه حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يعرفهم فيه مجيئ النبي صلى الله عليه وآله إليهم وكان ابن أبي بلتعة أعطاه جارية سوداء وأمرها ان تأخذ على غير الطريق وكان معه الزبير فطلبا المكتوب فلم يجده فأراد الزبير الرجوع فقال علي عليه السلام يخبرني رسول الله بأنه عندها ويحلف معاذ الله فاخذ الجارية و تهددها بالذبح فأخرجت الكتاب من عقبصتها وفيها قتل علي عليه السلام الحويرث بن نفيل وأراد قتل جماعة اجارتهم أم هاني فشكت إلى رسول الله فعفى عنهم لقربها من علي ومنها غزوة حنين وفيها عجب أبو بكر من كثرتهم حتى نزلت فيه الآية وقد فر المسلمون سوى تسعة من بني هاشم اقدمهم علي وهو واقف بين يدي النبي وقد قتل فيها من المشركين أربعين رجلا فوقع فيهم القتل والأسر ومنها غزوة السلسلة وذلك أنه أخبر النبي صلى الله عليه وآله ان المشركين أرادوا بيته في المدينة فاستدعى أبا بكر فأرسله إلى الوادي الذي هم فيه فلما وصلهم كمنوا له وخرجوا إليه فهزموه وكذلك ذهب بعده عمرو بن العاص لأنه قال انا اذهب إليهم الحرب خديعة فذهب وخرج ورجع منهزما فساد إليهم أمير المؤمنين عليه السلام يكمن بالنهار ويسير بالليل فكبسهم بالليل وهم غافلون فاستولى عليهم ومنها غزوة تبوك وفيها خرج أمير المؤمنين عليه السلام فخرج لمبارزته عمرو بن معدي كرب فولى منهزما وقتل أخاه وابن أخيه وسبى امرأته ونساء غيرها واصطفى لنفسه جارية فوشوا به إلى رسول الله ظانين انه يغصب لمكان فاطمة عليها السلام فقال النبي صلى الله عليه وآله أنه يحل لعلي عليه السلام من الفيئ ما يحل لي واما حروبه في زمن خلافته فمنها وقعة الجمل بينه عليه السلام وبين (جند) عايشه وكان رئيسهم طلحة والزبير اللذان حركاها على الحرب وحسنا لها الطلب بذم عثمان بعد إن كانت تقول اقتلوا نعثلا قتله الله فقيل لها في ذلك فقالت قلت لهم وما فعلوا حتى تاب وصار كسبيكة الفضة ثم إنه لما تلاقى الفريقان قتل من أصحاب الجمل ست عشر ألفا وسبع مائه وتسعون وكانوا ثلثين ألفا وقتل من أصحاب علي الف وسبعون رجلا وكانوا عشرين ألفا وكان قتلى علي عليه السلام منهم ما لا يحصى ومنها وقعة صفين وقد أقامت اشهورا (شهورا) عديدة وكان من عظيم مواقعها ليلة الهرير وكان أولها المسابقة واخرها الملاقاة بالأبدان وكان لعلي عليه السلام فيها قتلى كثيرة وكلما قتل واحدا كبر فحسب له فيها خمس مائة وثلثين أو عشرين تكبيرة على عداد القتلى وقيل عرف قتلاه بالنهار فان ضرباته كانت على وتيرة واحده ان ضرب طولا قد وان ضرب عرضا قط وكانت كأنها مكواة بالنار وكان من جملة من قتل مع علي عليه السلام عمار الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وآله تقتله الفئة الباغية ومنها وقعة النهروان مع الخوارج وكانوا اثنى عشر ألفا فكلمهم علي عليه السلام وناظرهم فرجع منهم ثمانية آلاف وبقى أربعة آلاف وكان رئيسهم ذي الثدية فقاتلهم عليه السلام فقتلهم ولم يفلت منهم سوى تسعة رجلان هربا إلى سبحسان (سجستان) من الخراسان وفيها نسلهما واثنان إلى بلاد عمان وبهما نسلهما واثنان إلى اليمن وفيها نسلهما وهم الأباضية وآخران إلى بلاد الجزيرة إلى قرب شاطئ الفرات واخر إلى تل معدن وكان عليه السلام هو الذي قتل فيه الأبطال وخذل الرجال وكان من شجاعته انها تعد من أعظم المعاجز فان له من الخصايص ما لم يكن لاحد ولا يكون مدى الأبد فإنه على كثرة حروبه وعظم مواقفه ما صرعه أحد ولا ولى منهزما ولا جرح أحدا وسلم من جراحته ولا قاد جيشا الا وكان النصر معه ولا أجرح جراحة أردته ولا هاب الاقران ولا خاف النزال فهو معدوم النظير في الشجاعة لا يماثله أحد واما الزهد فقد كان عليه السلام أزهد الخلق بعد النبي صلى الله عليه وآله كما شهد بذاك عمر بن عبد العزيز وروى سويد بن غفلة انه دخل عليه فوجد بين يديه صفحة لبن عظيم الرايحة من شدة الحموضة وفى يده رغيف يرى قشار الشعير في وجهه وهو يكسره بيده أحيانا فإذا عسر عليه كسر بركبتيه وكنس بيت المال يوما ورشه وهو يقول يا صفراء
(١٥)