موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون [84] ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين [85]).
القراءة: قرأ أبوا عمرو: (يبغون) بالياء، (وإليه ترجعون) بالتاء مضمومة.
وقرأ بالياء فيهما ابن عباس وحفص ويعقوب وسهل. والباقون بالتاء فيهما جميعا.
الحجة: من قرأ بالتاء فيهما فلأن أول الآية خطاب للنبي. ومن قرأ بالياء فعلى تقدير: قل لهم أفغير دين الله يبغون. فجاء على لفظ الغيبة، لأنهم غيب. وقد تقدم القول في يرجعون وترجعون.
الاعراب: (أفغير دين الله يبغون): عطف جملة على جملة، كما لو قيل: أو غير دين الله يبغون، إلا أن الفاء رتبت، فكأنه قيل: أبعد تلك الآيات غير دين الله يبغون. و (طوعا وكرها): مصدران وقعا مصدر الحال، وتقديره: طائعين وكارهين، كما يقال: أتاني ركضا أي: راكضا. ولا يجوز أن تقول: أتاني كلاما أي:
متكلما، لأن الكلام ليس بضرب من الإتيان. والركض: ضرب منه.
النزول: عن ابن عباس قال: اختصم أهل الكتاب إلى رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " فيما اختلفوا بينهم من دين إبراهيم، كل فرقة زعمت أنهم أولى بدينه، فقال النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " كلا الفريقين برئ من دين إبراهيم! فغضبوا وقالوا: والله ما نرضى بقضائك، ولا نأخذ بدينك، فأنزل الله (أفغير دين الله يبغون).
المعنى: لما بين سبحانه بطلان اليهودية، وسائر الملل غير الاسلام، بين عقيبه أن من يبتغي غير دينه فهو ضال، لا يجوز القبول منه فقال: (أفغير دين الله يبغون) أي: أفبعد هذه الآيات والحجج، يطلبون دينا غير دين الله (وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها) قيل فيه أقوال:
أحدها: إن معناه أسلم من في السماوات والأرض بحاله الناطقة عنه، الدالة عليه عند أخذ الميثاق عليه، عن ابن عباس وثانيها: أسلم أي: أقر بالعبودية، وإن كان فيهم من أشرك بالعبادة، كقوله تعالى: (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله) ومعناه: ما ركب الله في عقول الخلائق من الدعاء إلى الإقرار له بالربوبية ليتنبهوا على