بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون [80]).
القراءة: قرأ ابن عامر وأهل الكوفة: (تعلمون) بالتشديد.
والباقون (تعلمون). وقرء عاصم غير الأعشى والبرجمي (1) وحمزة وابن عامر ويعقوب: (ولا يأمركم) بنصب الراء. والباقون بالرفع.
الحجة: حجة من قال (تعلمون) بالتشديد أن التعليم أبلغ في هذا الموضع، لأنه إذا علم الناس، ولم يعمل بعمله، كان مع استحقاق الذم بترك عمله داخلا في جملة من وبخ بقوله: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم). وحجة من قرأ (تعلمون) أن العالم الدارس قد يدرك بعلمه ودرسه مما يكون داعيا إلى التمسك بعلمه، والعمل به ما لا يدركه العالم المعلم في تدريسه. ومن قرأ (يأمركم) فعلى القطع من الأول، ولا يأمركم الله. ومن نصبه فعلى قوله: (وما كان لبشر أن يأمركم أن تتخذوا). ومما يقوي الرفع ما روي في حرف ابن مسعود (يأمركم). فهذا يدل على الانقطاع من الأول. ومما يقوي النصب ما جاء في السير أن اليهود قالوا للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم ": يا محمد! أتريد أن نتخذك ربا؟ فقال الله عز وجل: (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب): ولا أن يأمركم.
اللغة: البشر يقع على القليل والكثير، فهو بمنزلة المصدر مثل الخلق، تقول:
هذا بشر، وهؤلاء بشر. كما تقول: هذا خلق، وهؤلاء خلق. وإنما وقع المصدر على القليل والكثير، لأنه جنس الفعل، فصار كأسماء الأجناس، مثل الماء والتراب ونحوه. والرباني: هو الرب يرب أمر الناس بتدبيره واصلاحه إياه. يقال: رب فلان أمره ربابة، وهو ربان: إذا دبره وأصلحه. ونظيره نعس وينعس وهو نعسان. وأكثر ما يجئ فعلان من فعل يفعل، فيكون العالم ربانيا، لأنه بالعلم يرب الأمر ويصلحه.
وقيل: إنه مضاف إلى علم الرب، وهو علم الدين الذي يأمره به، إلا أنه غير في الإضافة، ليدل على المعنى، كما قيل في الإضافة إلى البحرين: بحراني، وكما قيل للعظيم الرقبة: رقباني، وللعظيم اللحية: لحياني فقيل لصاحب علم الدين الذي أمر به الرب: رباني.
النزول: قيل: إن أبا رافع القرضي من اليهود، ورئيس وفد نجران قالا: يا